السيدة ماريا بنت شمعون القبطية المصرية
أم إبراهيم بن محمد بن عبد الله
( صلى الله علية وسلم )
ومن ما ملكت يمينة المصطفى
( صلى الله علية وسلم )
الصلاة والسلام على النبي الكريم القائل (وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً) وعلى آله وصحبه الدعاة الهداة الساعين في فجاج الأرض لإعلاء كلمة الحق وإنارة أرجائها بنور الإسلام.
فمن ضمن رسائل النبي صلى الله عليه وسلم إلى القادة والملوك في الأقطار ما بعثه عليه الصلاة والسلام إلى المقوقس ملك القبط واسمه جريج بن ميناء ملك الإسكندرية يدعوه إلى الإسلام هذا نصها..
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد عبد الله ورسوله إلى المقوقس عظيم القبط سلام على من اتبع الهدى. أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام: أسلم تسلم وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم القبط ...
وبعث بها مع حاطب بن أبي بلتعة قال حاطب رضي الله عنه فأتيته فحييته بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزلني في منزله وأقمت عنده ثم بعث إليَّ وقد جمع بطارقته وقال أخبرني عن صاحبك أليس هو نبياً؟
قال حاطب بل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما باله لم يدعُ على قومه حيث أخرجوه من مكة؟ قال حاطب فقلت له أفتشهد أن عيسى ابن مريم رسول الله حيث تأمر علية قومه وأرادوا قتله؟ لم يدعُ عليهم حتى رفعه الله تعالى إليه فقال له أحسنت إنك حكيم جئت من عند حكيم..
واُعجب المقوقس بمقالة حاطب فقال لحاطب إني قد نظرت في أمر هذا النبي فوجدته لا يأمر بزهودٍ فيه ولا ينهي عن مرغوب فيه ولم أجدهُ بالساحر الضال ولا الكاهن الكاذب ووجدت معه آية النبوة بإخراج الخبء و الأخبار بالنجوى وسأنظر ..
ثم دعا كاتبًا له يكتب بالعربية فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
لمحمد بن عبدالله
من المقوقس عظيم القبط سلام عليك
أما بعد
فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت فيه
وما تدعو إليه وقد علمت أن نبياً بقي
وكنت أظن أنه سيخرج بالشام
وقد أكرمت رسولك
وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم
وبكسوة وأهديتُ إليك بغلة لتركبها
والسلام عليك.
وكانت الهدية جاريتين هما مارية بنت شمعون القبطيةالمصرية .
وأختها سيرين ولدت رضي الله عنها في صعيد مصر في قرية تدعى حفن الواقعة على الضفة الشرقية لنهر النيل تجاه الاشمونين .
وقد ولدت لاب قبطي وأم مسيحية رومية و قد أمضت رضي الله عنها شبابها الباكر في قريتها الى ان انتقلت الى بيت المقوقس عظيم القبط و ملك مصر .
كما ارسل المقوقس عبدأ غلاما خصيا أسود اسمه( مأبور )والف مثقال ذهب وعشرين ثوباً ليناً من نسيج مصر وبغلة شهباء اسمها (دلدل )وحماراً أشهب يقال له ( يعفور ) وفرساً جميلا يقال لة( اللزاز )وبعض من عسل بنها وبعض العود و المسك ..
وفي طريق عودت حاطب إلى المدينة عرض على مارية وأختها الإسلام ورغبهما فيه فأكرمهما الله بالإسلام.وصل الركب الى المدينة سنة سبع من الهجرة وقد عاد النبي صلى الله عليه و سلم من الحديبية بعد ان عقد الهدنة مع قريش وتلقى هدية المقوقس .
وفي المدينة أختار الرسول مارية لنفسه ووهب أختها سيرين لشاعره الكبير حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه. كانت ماريه رضي الله عنها بيضاء جميلة الطلعة وقد أثار قدومها الغيرة في نفس عائشة رضي الله عنها فكانت تراقب مظاهر اهتمام رسول الله بها .
وقالت عائشة رضي الله عنها ما غرت على امرأة إلا دون ما غرت على مارية وذلك أنها كانت جميلة جعدةأو دعجة فأعجب بها رسول الله وكان أنزلها أول ما قدم بها في بيتٍ الحارث بن النعمان فكانت جارتنا.
فكان عامة الليل والنهار عندها حتى فرغنا لها فجزعت فحولها إلى العالية وكان يختلف إليها هناك فكان ذلك أشد علينا..
وكانت السيدة عائشة لا تخفى المقارنة بين السيدة ماريا رضي الله عنها و السيدة هاجر التي كانت ايضاً هبة لابراهيم صلى الله عليه و سلم فأكرمها الله تعالى بأمومتها لإسماعيل عليه السلام .
و ما ان جاء العام الثاني للسيدة ماريا في بيت النبوة الا وقد شعرت بوادر الحمل فأشرق وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم و سرعان ما سرت البشرى أن المصطفى صلى الله عليه و سلم ينتظر مولوداً له من ماريا القبطية . وقد كان قد قارب الستين من عمره وفقد أولاده ما عدا فاطمـة الزهراء رضوان الله عليها
وكانت السيدة ماريا رضي الله عنها تسكن في منطقة العالية بضواحي المدينة حيث الخضرة احتراماً لكونها جاءت من بلاد النيل حتى لا تشعر بوحشة وكان صلى الله عليه و سلم يسهر عليها يرعاها في حملها حتى ولدت مـارية في شهر ذي الحجة من السنة الثامنة للهجرة النبوية الشريفة طفلاً جميلاً يشبه الرسول صلى الله عليه وسلم ..
وبهذه الولادة أصبحت مـارية حرة.. فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم لها فقال قائل ان رسول الله صلى الله عليه وسلم منطلق الى مولاته فقال صلى الله عليه و سلم أعتقها ولدها فزارها رسول الله صلى الله عليه و سلم وأحتضن ابنه ثم خرج للمسلمين و قال لهم ان الله رزقني غلاماً وقد أسميتة إبراهيم تيمناً بأبيه إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام.
واختار النبي صلى الله علية و سلم مرضعة لولده و جعل في حيازتها قطعة من الماعز كي ترضعة بلبنها إذا شح ثدياها..كان إبراهيم إبن النبي مسترضعاً في عوالي المدينة يعني مثلاً بيت النبي وإبنة يرضع في بيت بمنطقة القدم بعيدًا في الطرف الثاني وكان النبي ينطلق مع أصحابة فيدخل البيت الذي فية إبنة إبراهيم
وكان ظئره يعني زوج مرضعته قيناً حداداً والبيت كلة دخان فيأخذه فيقبله ثم يرجعة من شدة رحمتة بأولادة. وعاش إبراهيم ابن الرسول سنة وبضع شهور يحظى برعاية رسول الله ..
ولكنه مرض قبل أن يكمل عامه الثاني وذات يوم اشتد مرضه فجاء الرسول صلى الله عليه وسلم ليرى ولده وجاد إبراهيم بأنفاسه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فَدَمِعَت عيناه..
وقال ( تَدْمَع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يُرْضي ربَّنا والله يا إبراهيم إنا بك لَمَحْزونون )
ثم نظر الى ماريا في عطف ورثاء وقال يواسيها تكملان رضاعته في الجنة .مات إبراهيم وهو ابن ثمانية عشر شهراً وكانت وفاته يوم الثلاثاء لعشر ليال خلت من ربيع الأول سنة عشر من الهجرة ..
وأقبل ابن عمه الفضل بن عباس رضي الله عنه فغسل الصغير وابوه صلى الله عليه وسلم جالس ينظر إلية في حزن و حمل الى بيت ظئرة على سرير صغير و صلى عليه أبوة صلى الله عليه و سلم وكبر أربعاً ثم سار خلفة الى البقيع واضجعة بيدة في قبرة ثم سوى علية التراب ونداة بالماء .
وقد صادف يوم وفاتة كسوفاً للشمس فقال الناس إنكسفت الشمس لموت إبن رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج معلم البشرية صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس صلاة الكسوف وقال إن الشمس و القمر أيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا و تصدقوا..
واعتكفت ماريا في بيتها تحاول أن تتجمل بالصبر حتى لا تنكأ الجرح في صدر رسول الله صلى الله عليه و سلم فإذا عز الصبر انطلقت الى البقيع فاستروحت لقرب فقيدها و إلتمست الراحة في البكاء..
لمـارية رضي الله عنها شأن كبير في الآيات المباركة وفي أحداث السيرة النبوية. لقدأنزل الله عز وجل فى صدر سورة التحريم ..
( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )بسبب مارية القبطية وقد أوردها العلماء والفقهاء والمحدثون والمفسرون في أحاديثهم وتصنيفاتهم.
وقد توفي الرسول عنها وهو راض عن مـارية التي تشرفت بالبيت النبوي الطاهر وعدت من أهلة وكانت مـارية شديدة الحرص على إكتساب مرضاة الرسول صلى الله علية وسلم كما عرفت بدينها وورعها وعبادتها
وإكراما للسيدة ماريا رضي الله عنها وإبنها إبراهيم علية السلام فقد أوصى رسول الله صلى الله علية و سلم المسلمين خيرا بشعب مصر
فقال صلى الله عليه وسلم( إنكم ستفتحون مصر وهي أرض يسمي فيها القيراط فإذا فتحتموها فأحسنوا إلي أهلها فإن لهم ذمه ورحما )
(أوقال : ذمة وصهرا )
أوفي رواية أخرى( إستوصوا بأهل مصر خيرا فإن لهم نسبا وصهرا)
فالنسب من جهة هاجر أم إسماعيل علية السلام جد العرب والصهر من جهة ماريا القبطية أم إبراهيم بن محمد عليه الصلاة والسلام..
ما إن هل ربيع الأول من العام التالي لوفاة إبراهيم علية السلام حتى توفي النبي صلى الله عليه وسلم حين اشتد الضحى من يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول من السنة الحادية عشرة للهجرة في يوم لم ير في تاريخ الإسلام أظلم منة..
وعاشت السيدة ماريا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس سنوات عاشتها في عزلة عن الناس لا تكاد تلقى غير أختها سيرين و لا تكاد تخرج إلا لكي تزور قبر الحبيب بالمسجد أو قبر ولدها بالبقيع
وعاشت في ظلال الخلافة الرشيدة وتوفيت في السنة السادسة عشر من محرم ولم تزكر كتب السيرة كم كان عمرها وقت وفاتها . ودعا سيدنا عمر بن الخطاب الناس وجمعهم للصلاة عليها .
فاجتمع عدد كبير من الصحابة من المهاجرين والأنصار ليشهدوا جنازة مـارية القبطية وصلى عليها سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه . ودفنت فى البقيع في شهر محرم سنة ست عشرة من الهجرةإلى جانب نساء أهل البيت النبوي وإلى جانب إبنها إبراهيم.
وبعد تسعة سنوات من وفاة المصطفى علية الصلاة والسلام .وفى عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وعلى يد عمرو بن العاص . دخل مصر عابرا لأرض فلسطين وفي رفح وصلة كتاب أمير المؤمنين فلم يتسلمة من حاملة حتى شارف العريش فأخذ الكتاب وقرأة على أصحابة فإذا بعمر بن الخطاب يأمرة فية بالأنصراف إن لم يكن قد دخل أرض مصر
ولكن عَمْرو بن العاص الآن في أرض مصر فأمر الجيش بالمسيرة على بركة الله . اخترق الجيش سيناء سنة 18هجرية ففتح العريش من غير مقاومة وحاصر المسلمون مدينة الفرما أكثر من شهر وتم الفتح في أول شهر المحرم سنة ( 19 ) للهجرة .
وطلب عمرو المدد من أمير المؤمنين فأرسل أربعة آلآف مجاهد وعلى رأسهم الزبير بن العوام والمقداد بن عمرو وعبادة بن الصامت ومسلمة بن مخلد وكتب إليه( إني قد أمددتك بأربعة آلآف على كل ألف رجل منهم مقام الألف ) وعندما فتح الله على المسلمين مصر يوم الجمعة فى مستهل المحرم سنة عشرين من الهجرة على يد عمرو بن العاص
فها هو عبادة بن الصامت بعدما أتم فتح مصر بحث عن قرية مارية زوجة الرسول صلى الله علية وسلم وأم إبنة إبراهيم وسأل عن موضع بيتها فبنى به مسجداً ..
وهاهو الحسن بن علي رضي الله عنهما يكلّم معاوية بن أبي سفيان لأهل ( حفن ) بلدة مارية فوضع عنهم خراج الأرض ( أى رفع عنهم دفع الجزية ) أكراما لإبراهيم أبن رسول الله وأمة ماريا القبطية ..
رحم الله الجميع رحمة واسعةوجعلنا الله معهم فى الجنة
*******************************************
............
أم إبراهيم بن محمد بن عبد الله
( صلى الله علية وسلم )
ومن ما ملكت يمينة المصطفى
( صلى الله علية وسلم )
الصلاة والسلام على النبي الكريم القائل (وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً) وعلى آله وصحبه الدعاة الهداة الساعين في فجاج الأرض لإعلاء كلمة الحق وإنارة أرجائها بنور الإسلام.
فمن ضمن رسائل النبي صلى الله عليه وسلم إلى القادة والملوك في الأقطار ما بعثه عليه الصلاة والسلام إلى المقوقس ملك القبط واسمه جريج بن ميناء ملك الإسكندرية يدعوه إلى الإسلام هذا نصها..
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد عبد الله ورسوله إلى المقوقس عظيم القبط سلام على من اتبع الهدى. أما بعد: فإني أدعوك بدعاية الإسلام: أسلم تسلم وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم القبط ...
وبعث بها مع حاطب بن أبي بلتعة قال حاطب رضي الله عنه فأتيته فحييته بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزلني في منزله وأقمت عنده ثم بعث إليَّ وقد جمع بطارقته وقال أخبرني عن صاحبك أليس هو نبياً؟
قال حاطب بل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما باله لم يدعُ على قومه حيث أخرجوه من مكة؟ قال حاطب فقلت له أفتشهد أن عيسى ابن مريم رسول الله حيث تأمر علية قومه وأرادوا قتله؟ لم يدعُ عليهم حتى رفعه الله تعالى إليه فقال له أحسنت إنك حكيم جئت من عند حكيم..
واُعجب المقوقس بمقالة حاطب فقال لحاطب إني قد نظرت في أمر هذا النبي فوجدته لا يأمر بزهودٍ فيه ولا ينهي عن مرغوب فيه ولم أجدهُ بالساحر الضال ولا الكاهن الكاذب ووجدت معه آية النبوة بإخراج الخبء و الأخبار بالنجوى وسأنظر ..
ثم دعا كاتبًا له يكتب بالعربية فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
بسم الله الرحمن الرحيم
لمحمد بن عبدالله
من المقوقس عظيم القبط سلام عليك
أما بعد
فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت فيه
وما تدعو إليه وقد علمت أن نبياً بقي
وكنت أظن أنه سيخرج بالشام
وقد أكرمت رسولك
وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم
وبكسوة وأهديتُ إليك بغلة لتركبها
والسلام عليك.
وكانت الهدية جاريتين هما مارية بنت شمعون القبطيةالمصرية .
وأختها سيرين ولدت رضي الله عنها في صعيد مصر في قرية تدعى حفن الواقعة على الضفة الشرقية لنهر النيل تجاه الاشمونين .
وقد ولدت لاب قبطي وأم مسيحية رومية و قد أمضت رضي الله عنها شبابها الباكر في قريتها الى ان انتقلت الى بيت المقوقس عظيم القبط و ملك مصر .
كما ارسل المقوقس عبدأ غلاما خصيا أسود اسمه( مأبور )والف مثقال ذهب وعشرين ثوباً ليناً من نسيج مصر وبغلة شهباء اسمها (دلدل )وحماراً أشهب يقال له ( يعفور ) وفرساً جميلا يقال لة( اللزاز )وبعض من عسل بنها وبعض العود و المسك ..
وفي طريق عودت حاطب إلى المدينة عرض على مارية وأختها الإسلام ورغبهما فيه فأكرمهما الله بالإسلام.وصل الركب الى المدينة سنة سبع من الهجرة وقد عاد النبي صلى الله عليه و سلم من الحديبية بعد ان عقد الهدنة مع قريش وتلقى هدية المقوقس .
وفي المدينة أختار الرسول مارية لنفسه ووهب أختها سيرين لشاعره الكبير حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه. كانت ماريه رضي الله عنها بيضاء جميلة الطلعة وقد أثار قدومها الغيرة في نفس عائشة رضي الله عنها فكانت تراقب مظاهر اهتمام رسول الله بها .
وقالت عائشة رضي الله عنها ما غرت على امرأة إلا دون ما غرت على مارية وذلك أنها كانت جميلة جعدةأو دعجة فأعجب بها رسول الله وكان أنزلها أول ما قدم بها في بيتٍ الحارث بن النعمان فكانت جارتنا.
فكان عامة الليل والنهار عندها حتى فرغنا لها فجزعت فحولها إلى العالية وكان يختلف إليها هناك فكان ذلك أشد علينا..
وكانت السيدة عائشة لا تخفى المقارنة بين السيدة ماريا رضي الله عنها و السيدة هاجر التي كانت ايضاً هبة لابراهيم صلى الله عليه و سلم فأكرمها الله تعالى بأمومتها لإسماعيل عليه السلام .
و ما ان جاء العام الثاني للسيدة ماريا في بيت النبوة الا وقد شعرت بوادر الحمل فأشرق وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم و سرعان ما سرت البشرى أن المصطفى صلى الله عليه و سلم ينتظر مولوداً له من ماريا القبطية . وقد كان قد قارب الستين من عمره وفقد أولاده ما عدا فاطمـة الزهراء رضوان الله عليها
وكانت السيدة ماريا رضي الله عنها تسكن في منطقة العالية بضواحي المدينة حيث الخضرة احتراماً لكونها جاءت من بلاد النيل حتى لا تشعر بوحشة وكان صلى الله عليه و سلم يسهر عليها يرعاها في حملها حتى ولدت مـارية في شهر ذي الحجة من السنة الثامنة للهجرة النبوية الشريفة طفلاً جميلاً يشبه الرسول صلى الله عليه وسلم ..
وبهذه الولادة أصبحت مـارية حرة.. فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم لها فقال قائل ان رسول الله صلى الله عليه وسلم منطلق الى مولاته فقال صلى الله عليه و سلم أعتقها ولدها فزارها رسول الله صلى الله عليه و سلم وأحتضن ابنه ثم خرج للمسلمين و قال لهم ان الله رزقني غلاماً وقد أسميتة إبراهيم تيمناً بأبيه إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام.
واختار النبي صلى الله علية و سلم مرضعة لولده و جعل في حيازتها قطعة من الماعز كي ترضعة بلبنها إذا شح ثدياها..كان إبراهيم إبن النبي مسترضعاً في عوالي المدينة يعني مثلاً بيت النبي وإبنة يرضع في بيت بمنطقة القدم بعيدًا في الطرف الثاني وكان النبي ينطلق مع أصحابة فيدخل البيت الذي فية إبنة إبراهيم
وكان ظئره يعني زوج مرضعته قيناً حداداً والبيت كلة دخان فيأخذه فيقبله ثم يرجعة من شدة رحمتة بأولادة. وعاش إبراهيم ابن الرسول سنة وبضع شهور يحظى برعاية رسول الله ..
ولكنه مرض قبل أن يكمل عامه الثاني وذات يوم اشتد مرضه فجاء الرسول صلى الله عليه وسلم ليرى ولده وجاد إبراهيم بأنفاسه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فَدَمِعَت عيناه..
وقال ( تَدْمَع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يُرْضي ربَّنا والله يا إبراهيم إنا بك لَمَحْزونون )
ثم نظر الى ماريا في عطف ورثاء وقال يواسيها تكملان رضاعته في الجنة .مات إبراهيم وهو ابن ثمانية عشر شهراً وكانت وفاته يوم الثلاثاء لعشر ليال خلت من ربيع الأول سنة عشر من الهجرة ..
وأقبل ابن عمه الفضل بن عباس رضي الله عنه فغسل الصغير وابوه صلى الله عليه وسلم جالس ينظر إلية في حزن و حمل الى بيت ظئرة على سرير صغير و صلى عليه أبوة صلى الله عليه و سلم وكبر أربعاً ثم سار خلفة الى البقيع واضجعة بيدة في قبرة ثم سوى علية التراب ونداة بالماء .
وقد صادف يوم وفاتة كسوفاً للشمس فقال الناس إنكسفت الشمس لموت إبن رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج معلم البشرية صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس صلاة الكسوف وقال إن الشمس و القمر أيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا و تصدقوا..
واعتكفت ماريا في بيتها تحاول أن تتجمل بالصبر حتى لا تنكأ الجرح في صدر رسول الله صلى الله عليه و سلم فإذا عز الصبر انطلقت الى البقيع فاستروحت لقرب فقيدها و إلتمست الراحة في البكاء..
لمـارية رضي الله عنها شأن كبير في الآيات المباركة وفي أحداث السيرة النبوية. لقدأنزل الله عز وجل فى صدر سورة التحريم ..
( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )بسبب مارية القبطية وقد أوردها العلماء والفقهاء والمحدثون والمفسرون في أحاديثهم وتصنيفاتهم.
وقد توفي الرسول عنها وهو راض عن مـارية التي تشرفت بالبيت النبوي الطاهر وعدت من أهلة وكانت مـارية شديدة الحرص على إكتساب مرضاة الرسول صلى الله علية وسلم كما عرفت بدينها وورعها وعبادتها
وإكراما للسيدة ماريا رضي الله عنها وإبنها إبراهيم علية السلام فقد أوصى رسول الله صلى الله علية و سلم المسلمين خيرا بشعب مصر
فقال صلى الله عليه وسلم( إنكم ستفتحون مصر وهي أرض يسمي فيها القيراط فإذا فتحتموها فأحسنوا إلي أهلها فإن لهم ذمه ورحما )
(أوقال : ذمة وصهرا )
أوفي رواية أخرى( إستوصوا بأهل مصر خيرا فإن لهم نسبا وصهرا)
فالنسب من جهة هاجر أم إسماعيل علية السلام جد العرب والصهر من جهة ماريا القبطية أم إبراهيم بن محمد عليه الصلاة والسلام..
ما إن هل ربيع الأول من العام التالي لوفاة إبراهيم علية السلام حتى توفي النبي صلى الله عليه وسلم حين اشتد الضحى من يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول من السنة الحادية عشرة للهجرة في يوم لم ير في تاريخ الإسلام أظلم منة..
وعاشت السيدة ماريا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس سنوات عاشتها في عزلة عن الناس لا تكاد تلقى غير أختها سيرين و لا تكاد تخرج إلا لكي تزور قبر الحبيب بالمسجد أو قبر ولدها بالبقيع
وعاشت في ظلال الخلافة الرشيدة وتوفيت في السنة السادسة عشر من محرم ولم تزكر كتب السيرة كم كان عمرها وقت وفاتها . ودعا سيدنا عمر بن الخطاب الناس وجمعهم للصلاة عليها .
فاجتمع عدد كبير من الصحابة من المهاجرين والأنصار ليشهدوا جنازة مـارية القبطية وصلى عليها سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه . ودفنت فى البقيع في شهر محرم سنة ست عشرة من الهجرةإلى جانب نساء أهل البيت النبوي وإلى جانب إبنها إبراهيم.
وبعد تسعة سنوات من وفاة المصطفى علية الصلاة والسلام .وفى عهد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وعلى يد عمرو بن العاص . دخل مصر عابرا لأرض فلسطين وفي رفح وصلة كتاب أمير المؤمنين فلم يتسلمة من حاملة حتى شارف العريش فأخذ الكتاب وقرأة على أصحابة فإذا بعمر بن الخطاب يأمرة فية بالأنصراف إن لم يكن قد دخل أرض مصر
ولكن عَمْرو بن العاص الآن في أرض مصر فأمر الجيش بالمسيرة على بركة الله . اخترق الجيش سيناء سنة 18هجرية ففتح العريش من غير مقاومة وحاصر المسلمون مدينة الفرما أكثر من شهر وتم الفتح في أول شهر المحرم سنة ( 19 ) للهجرة .
وطلب عمرو المدد من أمير المؤمنين فأرسل أربعة آلآف مجاهد وعلى رأسهم الزبير بن العوام والمقداد بن عمرو وعبادة بن الصامت ومسلمة بن مخلد وكتب إليه( إني قد أمددتك بأربعة آلآف على كل ألف رجل منهم مقام الألف ) وعندما فتح الله على المسلمين مصر يوم الجمعة فى مستهل المحرم سنة عشرين من الهجرة على يد عمرو بن العاص
فها هو عبادة بن الصامت بعدما أتم فتح مصر بحث عن قرية مارية زوجة الرسول صلى الله علية وسلم وأم إبنة إبراهيم وسأل عن موضع بيتها فبنى به مسجداً ..
وهاهو الحسن بن علي رضي الله عنهما يكلّم معاوية بن أبي سفيان لأهل ( حفن ) بلدة مارية فوضع عنهم خراج الأرض ( أى رفع عنهم دفع الجزية ) أكراما لإبراهيم أبن رسول الله وأمة ماريا القبطية ..
رحم الله الجميع رحمة واسعةوجعلنا الله معهم فى الجنة
*******************************************
............