السيدة هاجر أم سيدنا اسماعيل علية السلام
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ
رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ
وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (٣٧) سورة إبراهيم
صدق الله العظيم ،،،
فى صحيح البخارى من قصة " هاجر أم اسماعيل " ما أجملة ( القرآن الكريم )
فى آيات متفرقة على المعهود من بيانة المعجز فى التركيز على جوهر الموقف ومناط العظة والأعتبار دون تعلق بالتفصيلات الجزئية لقد آثر الله تعالى هذة الأم برعاية " اسماعيل " الوليد وإنقاذة من الهلاك إذ تركهما أبوه " ابراهيم " بواد قفر غير ذى زرع فكانت لهفتها على الصغير والألم الذى ذاقتة حين رأتة يكابد حرقة الظمأ ومسعاها المثير فى سبيل نجاتة حديث التاريخ وعبرة الدهر وصورة تخلد فيها الأمومة وتتقدس آلامها إلى حيث تغدو عبادة ومنسكا ومن " هاجر " أمة ضعيفة لا حول لها ولا طول جاءت بها " السيدة سارة : زوجة ابراهيم " من مصر إلى أرض كنعان وكانت السيدة " سارة " عجوزا عقيما يئست من أن تعطى زوجها ولدا فبدا لها أن تهبة تلك الجارية المصرية لعلة يسكن إلى إحدى الراحتين وحملت " هاجر " فهاج ذلك فى سيدتها ما فى فطرة حواء من غيرة وخيل إليها أن أمتها صارت تنظر إليها فى مباهاة فاشتكت إلى زوجها ما وجدت من ذلك فشفع فى الجارية عندها فتجلدت للموقف حتى إذا وضعت " هاجر مولودها نفد صبر السيدة وغلب احتمالها فأقسمت ألا يؤويها وجاريتها سقف .
ثم ماذالت بزوجها حتى انطلق ذات يوم ميمما شطر الجنوب تتبعة " هاجر " وبين ذراعيها وليدها " اسماعيل " وقد اتخذت نطاقا شدت بة وسطها وأرلت طرفة تجرة من ورائها " فكان أول ما اتخذ النساء المنطق أم اسماعيل اتخذت منطقا لتعفى أثرها على سارة " وقد خطر لإبراهيم أن يلتمس لولده ملاذأ فى حمى بقايا البيت العتيق أول بيت عبد فيه الله فى الأرض .
وانتهى بهم المسير عند " مكة " وهى حينذاك مقفرة خلاء لا يكاد يلم بها سوى نفر من البدو الرحل وقوم من العماليق كانوا يعيشون خارجها ويتنقلون من حين إلى حين التماسا لماء أو انتجاعا لمرعى .
وعند ربوة هناك حيث أطلال البيت العتيق ترك ابراهيم " هاجر " وولدها وترك لها جراب تمر وسقاء فية ماء وأمرها أن تتخذ لها عريشا ثم هم بالرجوع من حيث جاء . فارتاعت " هاجر " من وحشة البرية وتضرعت الى سيدها " ابراهيم " ألا يدعها وولدهما فى ذاك القفر المرهوب لكنة أشاح بوجهه عنها لا يلتفت ولا يجيب كأنما كان يخشى أن تخونة عاطفتة أمام الأم الوالهة الحيرى رحمة بابنة الوحيد المنبوذ مع أمة بالعراء وأعادت " هاجر " سؤالها .
( أين تذهب وتتركنا فى هذا الوادى الذى ليس فية أنيس ولا شىء ؟ )
وهو منصرف عنها ماض فى سبيلة لا يلوى على شىء حتى إذا بلغ منعرج الوادى سمع صوتها الضارع يسأل فى لهفة : آلله أمرك بهذا ؟ " قال وهو لا يلتفت إليها : نعم "
فقالت " هاجر " فى استسلام خاشع : إذن فالله لا يضيعنا "
وأطرقت صامتة فلم تر " ابراهيم " وقد رفع يدية الى السماء حين غيبتة ثنية الوادى واستقبل بوجهه البيت ثم دعا بهؤلاء الدعوات ..
رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (٣٧) رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (٣٨)
ثم استأنف مسيرة عائدا إلى زوجتة " السيدة سارة " فى أرض كنعان .
وجعلت " هاجر " ترضع ولدها وتشرب من ذلك الماء القليل وهى تستمد من ولدها الأنس والعزاء وكادت تنسى بة محنة الرق ومأساة الهجر وقد شغلت بالنظر إلى وجهه اللطيف الحبيب فلم تشعر أول الأمر بوحدتها الرهيبة فى البرية القفر ولم تدرك حق الإدراك قسوة موقفها بالوادى الأجرد بين الصخور الكالحة والجبال الصم الصلاب .
" حتى إذا نفد مافى السقاء عطشت وعطش ابنها فجعلت تنظر إلية يتلوى فانطلقت كراهة أن تنظر إلية وبدا لها أن تصعد إلى تل فنظرت أى الجبال أدنى من الأرض فإذا " الصفا " قريب منها فقامت علية ثم استقبلت الوادى تنظر : هل ترى أحدأ ؟ وتسمعت : هل تؤنس صوتأ ؟
فلما لم تجد إلا الوحشة والصمت هبطت من الصفا حتى أتت " المروة " مهرولة تسعى سعى المجهد وصعدت علها ترى أثرا من حياة ولا أثر !
وأجهدها السعى بين " الصفا " و " المروة " شوطا بعد شوط ( فعلت ذلك سبع مرات ) حتى نال منها التعب والإعياء قال ابن عباس : قال النبى صلى الله علية وسلم : " فذلك سعى الناس بينهما " يعنى فى الحج والعمرة لكنها لم تلبث فى مكانها طويلأ فلقد كان لهاث ولدها الظامىء يمزق قلبها ويفرى كبدها وكآن مرآة والحياة تتسرب منة وتنطفىء رويدأ رويدا اقسى من أن تحتملة أمومتها فجمعت كل ما بقى لها من قوة وزحفت بعيدا عن ولدها المحتضر .
وأمسك الكون أنفاسة ولم يبق من صوت سوى لهاث المحتضر وأنين أمة يتردد صداهما فى البلقع القفر مختلطا بعواء وحوش الفلاة وسعار السباع الجائعة المحومة على المكان كأنها ترقب الخفقة الأخيرة فى فريستها المنتظرة ثم كانت النجاة " سمعت صوتا - حسبتة صوتها - فقالت تريد نفسها " إن كان عندك غواث " فإذا بملك كأنة طائر قد حوم على المكان ثم حط على بقعة هناك فظل يبحث بجناحية حتى انبثق ماء ( زمزم ) فهرعت " هاجر " نحوها وهى تحس موجة دافقة من القوة والحيوية فحوضنت الماء تغرف منة وأقبلت ترتوى وترضع ولدها
قال ابن عباس : قال النبى صلى الله علية وسلم : رحم الله أم اسماعيل لو تركت الماء
أو قال : لو لم تغرف من زمزم لكانت زمزم عينا معينا " ودبت الحياة فى الوادى الأجرد .
قال ابن عباس : " ومرت رفقة من جرهم مقبلة من طريق كداء فنزلوا فى أسفل مكة فرأوا طائرا فقالوا : إن هذا الطير لحائم على ماء ! لعهدنا بهذا الوادى وما فية ماء .
وأرسلوا دليلهم فعاد ومضى بهم إلى حيث كان هاجر وولدها عند النبع المبارك .
فقالوا لها : إن شءت كنا معك فآنسناك والماء ماؤك . فأذنت لهم فنزلوا معها وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم وتعلم العربية منهم وأعجبهم حين شب فلما أدرك زوجوه منهم "
" فى جوار البيت العتيق شب إسماعيل فلما بلغ مبلغ السعى جاءه أبوه فقص علية رؤياه :
" قال يابنى إنى أرى فى المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى قال ياأبت افعل ما تؤمر ستجدنى إن شاء الله من الصابرين "
ثم كانت آية الفداء بعد ذلك البلاء المبين هم أبوه بذبحة لولا أن لاح له كبش عظيم وألهمه الله تعالى أن يذبحة فدية لولده الصابر ( الصافات 102 الى 107 ) وتلقى ابراهيم واسماعيل عليهما السلام أمر الله تعالى فرفعا القواعد من البيت العتيق وطهراخ للطائفين والعاكفين والركع السجود وكانت دعوتهما عليهما السلام .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (١٢٥)
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٢٦) وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٢٧) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٢٨) رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٢٩) سورة البقرة
صدق الله العظيم
وبأمرة تعالى أذن ابراهيم فى الناس بالحج وأستجاب الله تعالى للدعاء فبعث فى ذريتهما رسولة المصطفى علية الصلاة والسلام صفوة الصفوة من صريح ولد " إسماعيل بن ابراهيم " من " السيدة هاجر أم العرب العدنانية " التى دخلت التاريخ الدينى بهموم أمومتها وصار مسعاها بين الصفا والمروة شعيرة من شعائر الحج والعمرة فى ديننا الحنيف وعيدأ للأمومة بموسم الحج من كل عام .
قال ابن لهيعة : أم إسماعيل : هاجر من أم العرب قرية كانت أمام الفرما [ ص : 7 ]بور سعيد حاليأ من مصر . وأم إبراهيم مارية سرية النبي صلى الله عليه وآله وسلم التي أهداها له المقوقس من حفن من كورة أنصنا .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ
رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ
وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (٣٧) سورة إبراهيم
صدق الله العظيم ،،،
فى صحيح البخارى من قصة " هاجر أم اسماعيل " ما أجملة ( القرآن الكريم )
فى آيات متفرقة على المعهود من بيانة المعجز فى التركيز على جوهر الموقف ومناط العظة والأعتبار دون تعلق بالتفصيلات الجزئية لقد آثر الله تعالى هذة الأم برعاية " اسماعيل " الوليد وإنقاذة من الهلاك إذ تركهما أبوه " ابراهيم " بواد قفر غير ذى زرع فكانت لهفتها على الصغير والألم الذى ذاقتة حين رأتة يكابد حرقة الظمأ ومسعاها المثير فى سبيل نجاتة حديث التاريخ وعبرة الدهر وصورة تخلد فيها الأمومة وتتقدس آلامها إلى حيث تغدو عبادة ومنسكا ومن " هاجر " أمة ضعيفة لا حول لها ولا طول جاءت بها " السيدة سارة : زوجة ابراهيم " من مصر إلى أرض كنعان وكانت السيدة " سارة " عجوزا عقيما يئست من أن تعطى زوجها ولدا فبدا لها أن تهبة تلك الجارية المصرية لعلة يسكن إلى إحدى الراحتين وحملت " هاجر " فهاج ذلك فى سيدتها ما فى فطرة حواء من غيرة وخيل إليها أن أمتها صارت تنظر إليها فى مباهاة فاشتكت إلى زوجها ما وجدت من ذلك فشفع فى الجارية عندها فتجلدت للموقف حتى إذا وضعت " هاجر مولودها نفد صبر السيدة وغلب احتمالها فأقسمت ألا يؤويها وجاريتها سقف .
ثم ماذالت بزوجها حتى انطلق ذات يوم ميمما شطر الجنوب تتبعة " هاجر " وبين ذراعيها وليدها " اسماعيل " وقد اتخذت نطاقا شدت بة وسطها وأرلت طرفة تجرة من ورائها " فكان أول ما اتخذ النساء المنطق أم اسماعيل اتخذت منطقا لتعفى أثرها على سارة " وقد خطر لإبراهيم أن يلتمس لولده ملاذأ فى حمى بقايا البيت العتيق أول بيت عبد فيه الله فى الأرض .
وانتهى بهم المسير عند " مكة " وهى حينذاك مقفرة خلاء لا يكاد يلم بها سوى نفر من البدو الرحل وقوم من العماليق كانوا يعيشون خارجها ويتنقلون من حين إلى حين التماسا لماء أو انتجاعا لمرعى .
وعند ربوة هناك حيث أطلال البيت العتيق ترك ابراهيم " هاجر " وولدها وترك لها جراب تمر وسقاء فية ماء وأمرها أن تتخذ لها عريشا ثم هم بالرجوع من حيث جاء . فارتاعت " هاجر " من وحشة البرية وتضرعت الى سيدها " ابراهيم " ألا يدعها وولدهما فى ذاك القفر المرهوب لكنة أشاح بوجهه عنها لا يلتفت ولا يجيب كأنما كان يخشى أن تخونة عاطفتة أمام الأم الوالهة الحيرى رحمة بابنة الوحيد المنبوذ مع أمة بالعراء وأعادت " هاجر " سؤالها .
( أين تذهب وتتركنا فى هذا الوادى الذى ليس فية أنيس ولا شىء ؟ )
وهو منصرف عنها ماض فى سبيلة لا يلوى على شىء حتى إذا بلغ منعرج الوادى سمع صوتها الضارع يسأل فى لهفة : آلله أمرك بهذا ؟ " قال وهو لا يلتفت إليها : نعم "
فقالت " هاجر " فى استسلام خاشع : إذن فالله لا يضيعنا "
وأطرقت صامتة فلم تر " ابراهيم " وقد رفع يدية الى السماء حين غيبتة ثنية الوادى واستقبل بوجهه البيت ثم دعا بهؤلاء الدعوات ..
رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (٣٧) رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (٣٨)
ثم استأنف مسيرة عائدا إلى زوجتة " السيدة سارة " فى أرض كنعان .
وجعلت " هاجر " ترضع ولدها وتشرب من ذلك الماء القليل وهى تستمد من ولدها الأنس والعزاء وكادت تنسى بة محنة الرق ومأساة الهجر وقد شغلت بالنظر إلى وجهه اللطيف الحبيب فلم تشعر أول الأمر بوحدتها الرهيبة فى البرية القفر ولم تدرك حق الإدراك قسوة موقفها بالوادى الأجرد بين الصخور الكالحة والجبال الصم الصلاب .
" حتى إذا نفد مافى السقاء عطشت وعطش ابنها فجعلت تنظر إلية يتلوى فانطلقت كراهة أن تنظر إلية وبدا لها أن تصعد إلى تل فنظرت أى الجبال أدنى من الأرض فإذا " الصفا " قريب منها فقامت علية ثم استقبلت الوادى تنظر : هل ترى أحدأ ؟ وتسمعت : هل تؤنس صوتأ ؟
فلما لم تجد إلا الوحشة والصمت هبطت من الصفا حتى أتت " المروة " مهرولة تسعى سعى المجهد وصعدت علها ترى أثرا من حياة ولا أثر !
وأجهدها السعى بين " الصفا " و " المروة " شوطا بعد شوط ( فعلت ذلك سبع مرات ) حتى نال منها التعب والإعياء قال ابن عباس : قال النبى صلى الله علية وسلم : " فذلك سعى الناس بينهما " يعنى فى الحج والعمرة لكنها لم تلبث فى مكانها طويلأ فلقد كان لهاث ولدها الظامىء يمزق قلبها ويفرى كبدها وكآن مرآة والحياة تتسرب منة وتنطفىء رويدأ رويدا اقسى من أن تحتملة أمومتها فجمعت كل ما بقى لها من قوة وزحفت بعيدا عن ولدها المحتضر .
وأمسك الكون أنفاسة ولم يبق من صوت سوى لهاث المحتضر وأنين أمة يتردد صداهما فى البلقع القفر مختلطا بعواء وحوش الفلاة وسعار السباع الجائعة المحومة على المكان كأنها ترقب الخفقة الأخيرة فى فريستها المنتظرة ثم كانت النجاة " سمعت صوتا - حسبتة صوتها - فقالت تريد نفسها " إن كان عندك غواث " فإذا بملك كأنة طائر قد حوم على المكان ثم حط على بقعة هناك فظل يبحث بجناحية حتى انبثق ماء ( زمزم ) فهرعت " هاجر " نحوها وهى تحس موجة دافقة من القوة والحيوية فحوضنت الماء تغرف منة وأقبلت ترتوى وترضع ولدها
قال ابن عباس : قال النبى صلى الله علية وسلم : رحم الله أم اسماعيل لو تركت الماء
أو قال : لو لم تغرف من زمزم لكانت زمزم عينا معينا " ودبت الحياة فى الوادى الأجرد .
قال ابن عباس : " ومرت رفقة من جرهم مقبلة من طريق كداء فنزلوا فى أسفل مكة فرأوا طائرا فقالوا : إن هذا الطير لحائم على ماء ! لعهدنا بهذا الوادى وما فية ماء .
وأرسلوا دليلهم فعاد ومضى بهم إلى حيث كان هاجر وولدها عند النبع المبارك .
فقالوا لها : إن شءت كنا معك فآنسناك والماء ماؤك . فأذنت لهم فنزلوا معها وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم وتعلم العربية منهم وأعجبهم حين شب فلما أدرك زوجوه منهم "
" فى جوار البيت العتيق شب إسماعيل فلما بلغ مبلغ السعى جاءه أبوه فقص علية رؤياه :
" قال يابنى إنى أرى فى المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى قال ياأبت افعل ما تؤمر ستجدنى إن شاء الله من الصابرين "
ثم كانت آية الفداء بعد ذلك البلاء المبين هم أبوه بذبحة لولا أن لاح له كبش عظيم وألهمه الله تعالى أن يذبحة فدية لولده الصابر ( الصافات 102 الى 107 ) وتلقى ابراهيم واسماعيل عليهما السلام أمر الله تعالى فرفعا القواعد من البيت العتيق وطهراخ للطائفين والعاكفين والركع السجود وكانت دعوتهما عليهما السلام .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (١٢٥)
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (١٢٦) وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٢٧) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٢٨) رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٢٩) سورة البقرة
صدق الله العظيم
وبأمرة تعالى أذن ابراهيم فى الناس بالحج وأستجاب الله تعالى للدعاء فبعث فى ذريتهما رسولة المصطفى علية الصلاة والسلام صفوة الصفوة من صريح ولد " إسماعيل بن ابراهيم " من " السيدة هاجر أم العرب العدنانية " التى دخلت التاريخ الدينى بهموم أمومتها وصار مسعاها بين الصفا والمروة شعيرة من شعائر الحج والعمرة فى ديننا الحنيف وعيدأ للأمومة بموسم الحج من كل عام .
قال ابن لهيعة : أم إسماعيل : هاجر من أم العرب قرية كانت أمام الفرما [ ص : 7 ]بور سعيد حاليأ من مصر . وأم إبراهيم مارية سرية النبي صلى الله عليه وآله وسلم التي أهداها له المقوقس من حفن من كورة أنصنا .