تابع الباب التاسع والثلاثون
تفسير الأحلام لأبن سيرين
حماماتها وأرحيتها وأسواقها
وحوانيتها وسقوفها وأبوابها
وطرقها وسجونها وبيعها وكنائسها
وبيوت نيراتها ونواويسها وما أشبة ذتك .
الحمام :
يدل على المرأة لحل الإزار عنده ويؤخذ الإنسان معه مع خروج عرقه كنزول نطفته في الرحم وهو كالفرج.
وربما دل على دور أهل النار وأصحاب الشر والخصام والكلام كدور الزناة والسجون ودور الحكام والجباة لناره وظلمته أو جلبة أهله وحسن أبوابه وكثرة جريان الماء فيه.
وربما دل على البحر والأسقام وعلى جهنم.
فمن رأى نفسه في حمام أو رآه غيره فيه فإن رأى فيه ميتاً فإنّه في النار والحميم لأنّ جهنم ادراك وأبواب مختلفة وفيها الحميم والزمهرير وإن رأى مريض ذلك نظرت في حاله فإن رأى أنّه خارج من بيت الحرارة إلى بيت الطهر وكانت علته في اليقظة حراً تجلت عنه.
فمان اغتسل وخرج منه خرج سليماً.
وإن كانت علته برداً تزايدت به وخيف عليه.
فإن اغتسل مع ذلك ولبس بياضاً من الثياب خلاف عادته وركب مركوباً لا يليق به فإنّ ذلك غسله وكفنه ونعشه.
وإن كان ذلك في الشتاء خيف عليه الفالج.
وإن رأى أنّه داخل في بيت الحرارة فعلى ضد ما تقدم في الخروج يجري الاعتبار ويكون البيت الأوسط لمن جلس فيه من المرضى دالاً على توسطه في علته حتى يدخل أو يخرج فإما نكسة أو إفاقة.
وإن كان غير مريض وكانت له خصومة أو حاجة في دار حاكم أو سلطان أو جاب حكم له وعليه على قدر ما ناله في الحمام من شدة حرارته أو برده أو زلق أو رش.
فإن لم يكن شيء من ذلك وكان الرجل عزباً تزوج أو حضر في وليمة أو جنازة وكان فيها من الجلبة أو الضوضاء والهموم والغموم كالذي يكون في الحمام وإلا ناله عنه سبب من مال الدنيا عند حاكم لما فيه من جريان الماء والعرق وهي أموال.
وربما دل العرق خاصة على الهم والتعب والمرض مع غمه الحمام وحرارته.
فإن كان فيه متجرداً من ثيابه فلأمر مع زوجته ومن أجلها وناحيتها وناحية أهلها يجري عليه ما تؤذن الحمام به.
فإن كان فيه بأثوابه فالأمر من ناحية أجنبية أو بعض المحرمات كالأم والابنة والأخت حتى تعتبر أحواله أيضاً وتنقل مراتبه ومقاماته وما لقيه أو يلقاه بتصرفه في الحمام وانتقاله فيه من مكان إلى مكان.
وإن رأى أنّه دخله من قناة أو طاقة صغيرة في بابه أو كان فيه أسد أو سباع أو
وحش أو غربان أو حيات فإنّه امرأة يدخل إليها في زينة ويجتمع عندها مع أهل الشر والفجور من الناس.
وقال بعضهم: الحمام بيت أذى ومن دخله أصابه هم لا بقاء له من قبل النساء.
والحمام اشتق من اسمه الحميم فهو حم والحم صهر أو قريب.
فإن استعمل فيه ماء حاراً أصاب هماً من قبل النساء وإن كان مغموماً ودخل الحمام خرج من غمه.
فإن اتخذ في الحمام مجلساً فإنّه يفجر بامرأة ويشهر بأمره لأنّ الحمام موضع كشف العورة.
فإن بنى حماماً فإنّه يأتي الفحشاء ويشنع عليه بذلك.
فإن كان الحمام حاراً ليناً فإنّ أهله وصهره وقرابات نسائه موافقون مساعدون له مشفقون عليه.
فإن كان بارداً فإنّه لا يخالطونه ولا ينتفع بهم.
وإن كان شديد الحرارة فإنّه يكونون غلاظ الطباع لا يرى منهم سروراً لشدتهم.
وقيل إن رأى أنّه في البيت الحار.
فإنّ رجلاً يخونه في امرأته وهو يجهد أن يمنعه فلا يتهيأ له.
فإن امتلأ الحوض وجرى الماء من البيت الحار إلى البيت الأوسط فإنّه يغضبه على امرأته وإن كان الحمام منسوباً إلى غضارة الدنيا فإن كان بارداً فإنّ صاحب الرؤيا فقير قليل الكسب لا تصل يده إلىِ ما يريد.
وإن كان حاراً ليناً واستطابه فإنّ أموره تكون على محبة ويكون كسوباً صاحب دولة يرى فيه فرجاً وسروراً.
وإن كان حاراً شديد الحرارة فإنّه يكون كسوباً ولا يكون له تدبير ولا يكون له عند الناس محمدة.
وقيل من رأى أنّه دخل حماماً فهو دليل الحمى النافض.
فإن رأى أنّه شرب من البيت الحار ماء سخناً أو صب عليه أو اغتسل به على غير هيئة الغسل فهو هم وغم ومرض وفزع بقدر سخونة الماء وإن شربه من البيت الأوسط فهي حمى صالبة.
وإن شربة من البيت البارِد فهو برسام فإن رأى أنّه اغتسل بالماء الحار وأراد سفراً فلا يسافر.
فإن كان مستجيراً بإنسان يطلب منفعته فليس عنده فرج لقوله تعالى: " وإنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْل " .
فإذا اجتمع الحمام والاغتسال والنورة فخذ بالاغتسال والنورة ودع الحمام فإنّ ذلك أقوى في التأويل.
فإن رأى في محله حماماً مجهولاً فإنّ هناك امرأة ينتابها الناس.
وقال بعضهم: من رأى كأنّه يبني حماماً قضيت حاجته.
وحكي أنّ رجلاً رأى كأنّه زلق في الحمام فقصها على معبر فقال: شدة تصيبك.
فعرض له أنّه زلق في الحمام فانكسرت رجله.
والأتون :
أمر جليل على كلِ حال وسرور فمن رأى أنّه يبني أتوناً فإنّه ينال ولاية وسلطاناً.
وإن لم يكن متحملاً فإنّه يشغل الناس بشيء عظيم.
الفرن: المعروف دال على مكان معيشة صاحبه وغلته ومكسبه كحانوته وفدانه ومكان متجره لما يأوي إليه من الطعام وما يوقد فيه من النار النافعة وما يربى فيه من زكاة الحنطة المطحونة وريعها وطحن الدواب والأرحية وخدمتها وربما دل على نفسه فما جرى عليه من خير أو شر أو زيادة أو نقص أو خلاء أو عمارة عاد عليه أو على مكان كسبه وغلته.
وأما الفرن المجهول فربما دل على دار السلطان ودار الحاكم لما فيه من وقيد النار.
والنار سلطان يضر وينفع ولها كلام وألسنة.
وأما العجين والحنطة التي تجيء إليه من كل مكان وكل دار فهي كالجبايات والمواريث التي تجبى إلى دار السلطان وإلى دار الحاكم ثم يردونها أرزاقاً.
والدواب كالأبناء والأعوان والوكلاء وكذلك ألواح الخبز.
وربما دل على السوق لأنّ أرزاق الخلق أيضاً تساق إليها ويكون فيها الربح كرماده المطحون والخسارة كنقص المخبوز والحرام والكلام للنار التي فيه فمن بعث بحنطة أو شعير إلىِ الفرن المجهول فإن كان مريضاً مات ومضي بماله إلى القاضي.
وإن لم يكن مريضاً وكان عليه عشر للسلطان أو كراء أو بقية من مغرم ونحو ذلك أدى ما عليه وإلا بعث بسلعة إلى السوق.
فإن كان المطحون والمبعوث به إلى الفرن شعيراً أتاه في سلعته قريب من رأس ماله.
وإن كانت حنطة ربح فيها ثلثاً للدينار أو ربعاً أو نصفاً على قدر زكاتها إن كان قد كالها أو وقع في ضميره شيء منها.
الرحا :
الطاحون تدل على معيشة صاحبها وحانوته وكل من يتعيش عنده أو كل من يخدمه ويصلح طعامه وينكحه من زوجة وأمة.
وربما دلت على السفر لدورانها وربما دلت علىِ الوباء والحرب لسحقها.
والعرب والشعراء كثيراً ما يعبرون بها عنهما فمن اشترى رحاً تزوج إن كان عزباً أو زوج ابنته أو ابنه أو اشترى خادماً للوطء أو للخدمة أو سافر إذا كان من أهل السفر وإن كان فقيراً استفاد ما يكتفي به لأنّ الرحا لا يحتاج إليها إلا من عنده ما يطحنه فيها.
وأما من نصب رحاً ليطحن فيها الناس على ماء أو بحر أو غيره فإنّه يفتح دكاناً أو حانوتاً إن لم يكن له حانوت ويدر فيها رزقه إن كان قد تعذر عليه أو جلس للناس بمساعدة سلطان لحكومة أو منفعة أو أمانة وكان له حس في الناس.
وأما من تولى الطحين بيده فإنّه يتزوج أو يتسرى أو يجامع لأنّ الحجرين كالزوجين والقطب كالذكر والعصمة.
وإن كانت بلا قطب كان الجماع حراماً وقد تكون امرأتين يتساحقان فإن لم يكن عنده شيء من ذلك فلعله يتوسط العقد بين زوجين أو شريكين أو يسافر في طلب الرزق.
وأما الرحا الكبيرة إذا رؤيت في وسط المدينة أو في الجوامع فإن كانت بلد حرب كان حرباً سيما إن كانت تطحن ناراً أو صخراً.
وإلا كانت طاحوناً سيما إن كان المطحون شعيراً معفوناً أو ماء وطيناً ولحماً هزيلاً.
وقال بعضهم: الرحا على الماء رجِل يجري على يديه أموال كثيرة سائس للأمور ومن التجأ إليه حسن جده رأى رحاً تدور در عليه خير بمقدار الدقيق.
ومجرى الماء الذي يدخل إلى الرحا من جهة هذا المذكور.
وربما كانت الرحا إذا دارت سفراً.
فإن دارت بلا حنطة فهو شغب والرحا إذا دارت معوجة يغلو الطعام.
ورحا اليد رجلان قاسيان شريكان لا يتهيأ لغيرهما إصلاحهما.
وحكي أنّ رجلاً رأى كأنّ رحا تدور بغير ماء فقص رؤياه على معبر فقال: قد تقارب أجلك.
ورحا الريح خصومة لا بقاء لها.
وانكسار الرحا مختلف في تأويله فمنهم من قال تدل على فرج صاحبها من الهموم ومنهم من قال تدل على موت صاحبها.
ومن رأى له رحا تطحن أصاب خيراً من كد غيره.
والرحا تدل على الحرب لقول العرب فيها رحا الحرب.
السوق :
تدل على المسجد كما يدل المسجد على السوق لأنّ كليهما يتجر فيه ويربح.
وقد يدل على ميدان الحرب الذي يربح فيه قوم ويخسر فيه قوم وقد سمى الله تعالى الجهاد تجارة فِي قوله: " هَلْ أدلّكُمْ عَلىَ تِجَارَةٍ تُنْجيكُم "
فأهل الأسواق يجاهدون بعضهم بعضاً بأنفسهم وأموالهم.
وربما دلت على مكان فيه ثواب أجر وربح كدار العلم والرباط وموسم الحج.
ومما يباع في السوق يستدل على ما يدل عليه.
وكل ذلك ما كانت السوق مجهولة فسوق اللحم أشبه شيء بمكان الحرب ما يسفك فيه من الدماء وما فيه من الحديد.
وسوق الجوهر والبز أشبه شيء بحلق الذكر ودور العلم.
وسوق الصرف أشبه شيء بدار الحاكم لما فيها من تصاريف الكلام والوزن والميزان.
فمن رأى نفسه في سوق مجهولة قد فاتته فيها صفقة أو ربح في سلعة فإن كان في اليقظة في جهاد فاتته الشهادة وولى مدبراً وإن كان في حج فاته أو فسد عليه وإن كان طالباً للعلم تعطل عنه أو فاته فيه موعداً وطلبه لغير الله وإن لم يكن في شيء من ذلك فاتته الصلاة الجماعة في المسجد.
وأما من يسرق في سوقه في بيعه وشرائه فإن كان مجاهداً غل وإن كان حاجاً محرماً اصطاد
أو جامع أو تمتع وإن كان عالماً ظلم في مناظرته أو خان في فتاويه وإلا رأى بصلاته أو سبق إمامه فيها بركوعه أو سجوده أو لم يتم هو ذلك في صلاة نفسه لأنّ ذلك أسوأ السرقة كما في الخبر.
وأما السوق المعروفة: فمن رآها عامرة بالناس أو رأى حريقاً وقِع فيها أو ساقية صافية تجري في وسطها أو كان التبن محشواً في حوانيتها أو ريحا طيبة تهب من خلالها درت معيشة أهلها وأتتهم أرباح وجاءهم نفاق.
وإن رأى أهل السوق في نعاس أو الحوانيت مغلقة أو كان العنكبوت قد نسج عليها أو على ما يباع كان فيها كساد أو نزلت بأهلها عطلة.
وإن رأى سوقاً انتقلت انتقلت حالة المنتقل إلى جوهر ما انتقلت إليه كسوق البز ترى القصابين فيه فإنّه يكثر أرباح البزازين في افتراق المتاع وخروجه.
وإن رأى فيه أصحاب الفخار والقلال قلت أرباحهم وضعفت أكسابهم.
وإن رأى فيه أصحاب هرائس ومقالي نزلت فيه محنة إما عن حريق أو نهر أو هدم أو نحوه.
وقال بعضهم: السوق الدنيا واتساع السوق اتساع الدنيا.
وقيل السوق تدل على اضطراب وشغب بسبب من يجتمع إليها منِ العامة.
َ فأما من تعيش من السوق فإنّه دليل خير إذا رأى فيها خلقاً كبيراً أو شغلاً فأما إذا كانت السوق هادئة دلت الحانوت: يدل على كل مكان يستفيد المرء فيه فائدة في دنياه وأخراه كبستانه وفدانه ونخلته وشجرته وزوجته ووالده ووالدته أو كتابه من قول العامة لمن اعتمد مكانا للفائدة جعله حانوته.
فمن رأى حانوته انهدم فإن كان والده مريضاً مات لأن معيشته منه.
وإن كانت أمه مريضة هلكت لأنّها كانت تربيه بلبنها وتقويه بعيشها.
وكانت زوجته حاملاً أو سقيمة ماتت لأنّها دنياه ولذته ومتعته ومن في بطنها ماؤه وولده الذي هو في التأويل ماله.
فإن لم يكن شيء من ذلك تعذرت عليه معيشته وتعطلت عليه الأماكن التي بها قوامه.
ومن رأى أنّه يكسر باب حانوت فإنّه يتحول منه.
وإن رأى أبواب الحوانيت مغلقة نالهم كساد في أمتعتهم وانغلاق في تجاراتهم.
فإن رأى أبوابها مسدودة ماتوا وذهب ذكرهم.
فإن رآها مفتحة تفتح عليهم أبوابِ التجارة.
الخان :
فندق الرجل يدل على ما تدل عليه داره من جسمه ومجده واسمه وذكره وحمامه وفرنه ومجلس قضائه فما جرى عليه عاد عليه.
وأما المجهول منها فدال على السفر لأنّه منزلهم.
وربما دل على دار الدنيا لأنّها دار سفر يرحل منها قوم وينزل آخرون.
وربما دل على الجباية
لأنّها منزل من سافر عن بيته وخرج عن وطنه إلى غير بلاده وهو في حين غربته إلى أن يخرج منها مع صحابته وأهل رفقته.
فمن رأى كأنّه دخل في فندق مجهول مات إن كان مريضاً أو سافر إن كان صحيحاً أو انتقل من مكان إلى مكان.
فأما من خرج من فندق إلى فندق فركب دابة عند خروجه أو خرج بها من وسطه نظرت إلى حاله فإن كان مريضاً خرج محمولاً وإن كان في سفر تحرك منه وسافر عنه وكذلك إن رأى رفقة نازلة في فندق مجهول ركباناً أو خرجوا منه كذلك فإنّه يكون وباء في الناس أو الرفاق كما تقدم.
أو يخرج بفرق بين الأمرين بأهل الرفقة وأحوالهم في اليقظة ولما لهم ومعروفهم ومجهولهم وبرهم ومراكبهم.
السجن :
يدل على ما يدل عليه الحمام وربما دل على المرض المانع من التصرف والنهوض وربما دلت على العقلة عن السفر وربما دل على القبر وربما دل على جهنم لأنّها سجن العصاة والكفرة ولأن السجن دار العقوبة ومكان أهل الجرم والظلم.
فمن رأى نفسه في سجن فانظر في حاله وحال السجن فإن كان مريضاً والسجن مجهولاً فذلك قبره يحبس فيه إلى القيامة وإن كان السجن معروفاً طال مرضه ورجيت إفاقته وقيامه إلى الدنيا التي هيِ سجن لمثله لما في الخبر أنّها سجن المؤمن وجنة الكافر وإن كان المريض مجرماَ فالسجن المجهول قبره والمعروف دالة على طول إقامته في علته ولم ترج حياته إلا أن يتوب أو يسلم في مرضه.
وإن رأى ميتاً في السجن فإن كان كافراً فذاك دليل على جهنم وإن كان مسلماً فهو محبوس عنِ الجنة بذنوب وتبعات بقيت عليه وأما الحي السليم يرى نفسه في سجن فانظر أيضاَ إلى ما هو فيه فإن كان مسافراً في بر أو سفينة أصابته عقلة وعاقة بمطر أو ريح أو عدو أو حرب أو أمر من سلطان.
وإن لم يكن مسافراً دخل مكاناً يعصي الله فيه كالكنيسة ودار الفكر والبدع أو دار زانية أو خمار كل إنسان على قدره.
وما في يقظته مما ينكشف عند المسألة أو يعرف عنه بالشهرة أو بزيادة منامه من كلامه وأفعاله في أحلامه.
وقال بعضهم من رأى أنّه اختار لنفسه فإنّ امرأة تراوده عن نفسه و الله يصرف عنه كيدها ويبلغه مناه لقوله تعالى: " رَبِّ السِّجْنُ أَحَبّ إليَّ مِمّا يَدْعُونَني إلَيْهِ " .
وحكي أنّ سابور بن أردشير في حياة والده رأى كأنّه يبني السجون ويأخذ الخنازير والقردة من الروم فيدخلها فيه وكان عليه أحد وثلاثون تاجاً فسأل المعبر عنه فقال: تملك إحدى وثلاثين سنة وأما بناء السجون فبعددها تبني مدائن وتأخذ الروم وتأسر منهم.
فكان كذلك.
كأنّه بعد موت أبيه أخذ ملك الروم وبنى مدينة نيسابور ومدينة الأهواز ومدينة ساوران.
المزبلة :
هي الدنيا وبها شبهها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وقف عليها.
والزبل الماء لأنّه من تراب الأرض وفضول ما يتصرف الخلق فيه ويتعيشون به من عظام وخزف ونوى وتبن ونحو ذلك مما هو في التأويل أموال.
فمن رأى نفسه على مزبلة غير مسلوكة فانظر إلى حاله وإلى ما يليق به في أعماله فإن كان مريضاً أو خائفاً من الهلاك بسبب من الأسباب بشَرته بالنجاة أو بالقيام إلى الدنيا المشبهة بالمزبلة.
وإن رأى ذلك فقير استغنى بعد فقره وكسب أموالاً بعد حاجته وإن كان له من يرجو ميراثه ورثه لأنّ الزبل من جمع غيره ومن غير كسبه.
والمزبلة مثل مال مجموع من ههنا ومن ههنا بلا ورع ولا نحر لكثرة ما فيها من التخليط والأوساخ والقاذورات.
وإن كان أعزب تزوج.
وكان الأزبال شوارها وقشها المقشش من كل ناحية والمشترى من كل مكان والمستعار من كل دار.
فإن لم تكن ذلك فالمزبلة دكانه وحانوته ولا يعدم أن يكون صرافاً أو خماراً أو سفاطاً أو من يعامل الخدم والمهنة كالفران.
وإن كان يليق به القضاء والملك والجباية والقبض من الناس ولي ذلك وكانت الأموال تجيء إليه والفوائد تهدى إليه والمغارم والمواريث لأنّ الزبل لا يؤتى به إلى المزبلة إلا من بعد الكنس.
والكنس دال على الغرم وعلى الهلاك والموت.
وربما كانت المزبلة للملك بيت ماله وللقاضي دار أمينة وصاحب ودائعه.
وأما من يقرأ فوق مزبلة فإن كان والياً عزل وإن كان مريضاً مات وإن كان فقيراً تزهد وافتقر.
الطرق الجادة: الطريق هو الصراط المستقيم والصراط هو الدين والاستقامة.
فمن يسلك فيه فهو على الطريق المستقيم ومنهاج الدين وشرائع الإسلام ومتمسك بالعروة الوثقى من الحق.
فإن ضل الطريق فهو متحير في أمر نفسه ودينه.
وإن رأى أنّه يمشي مستوياً على الطريق فإنّه على الحق.
فإن كان صاحب دنيا فإنّه يهدي إلى تجارة مربحة.
وأما الطريق المضلة فضلالة لسالكها.
فإن استرشد وأصاب عاد إلى الحق.
والطريق الخفي غرور وبدعة.
وأما الطريق المنعرج في السلوك فيكون في المذاهب والأعمال.
قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: رأيت كأنّي أخذت جواد كثيرة فاضمحلت حتى بقيت جادة واحدة فسلكتها حتى انتهيت إلى جبل فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقه إلى جنبه أبو بكر رضوان الله عليه قلت: إنّا للّه وإنا إليه راجعوان.
وأما السراب :
فمن رأى سراباً فإنّه يسعى في أمر قد طمع فيه لا يحصل له منه مقصود لقوله تعالى: " كَسَرَابِ بَقِيْعَة " .
بئر الكنيف: تدل على المطمورة وعلى المخزن وعلى الكيس لما فيها من العذرة الدالة على المال فمن كنسها ورمى بما فيها من العذرة باع ما عنده من السلع الكاسدة أو بعث بماله في سفر أو عامل به نسيئة إن كان ذلك شأنه إذا حمل فيها في الجرار وإن صب في القناة أو وجدها لا شيء فيها ذهب ماله ودناه فقره وإن كان فقيراً ذهب همه ونقصِ حزنه حزن الفقر لكنسها عند امتلائها في يقظته وقد يدل على الدين فإن كان مديوناً قضى دينه لأنّها حش.
وأما من بال فيها لبناً أو عسلاً أتى دبراً حراماً إن كانت مجهولة وإن كانت في داره صنع ذلك الجبانة: تدل على الآخرة لأنها ركابها وإليها يمضي بمن وصل إليها وهي محبس من وصل إليها وربما دلت على دار الرباط والنسك والعبادة والتخلي من الدنيا والبكاء والمواعظ لأنّه أهلها في نزاويهم عن الناس عبرة لمن زارهم وموعظة لمن رآهم وانكشف إليه أحوالهم وأجسامهم المنهوكة وفرقهم المسحوقة وقد سماها النبي صلى الله عليه وسلم حين دخلها وسلم على ساكنيها: دار قوم مؤمنين.
وربما دلت على الموت لأنّه داره وربما دلت على دار الكفار وأهل البدع ومحلة أهل الذمة لأنّ من فيها موتى.
والموت في التأويل فساد الدين وربما دلت على دور المستخفين بالأعمال المهلكة والفساد كدور الزناة ودور الخمور التي فيها السكارى مطرحين كالموتى ودور الغافلين الذين لا يصلون ولا يذكرون الله تعالى ولا ترفع لهم أعمال وربما دلت على السجن لأنّ الميت مسجون في قبره فمن دخل جبانة في المنام وكان مريضاً فيِ اليقظة صار إليها ومات من علته ولا سيما إن كان فيها بيتاً أو داراً فإن لم يكن مريضاً فانظر فإن كان في حين دخوِله متخشعاً باكياً بعينه أو تالياً لكتاب الله تعالى أو مصلياً إلى القبلة فإنّه يكون مداخلأَ لأهل الخير وحلق الذكر ونال نسكاً وانتفع بما يراه أو يسمعه وإن كان حين دخوله ضاحكاً أو مكشوف السوأة أو بائلاً على القبور أو ماشياً مع الموتى فإنّه يداخل أهل الشر والفسوق وفساد الدين يخالطهم على ما هم عليه وإن دخلها بالأذان وعظ من لا يتعظ وأمر بالمعروف من لا يأتمر وقام بحق وشهد بصدق بين قوم غافلين جاهلين أو كافرين وأما من رأى الموتى وثبوا من قبورهم أو رجعوا إلى دورهم مجهولين غير معروفين فإنّه يخرج من السجن أو يسلم أهل مدينة مشركين أو ينبت ما زرعه الناس من الحب في الأرض مما أيسوا منه لدوام القحط على قدر ما في زيادة الرؤيا وما في اليقظة من الشواهد والأمور الظاهرة الغالبة.
وأما منِ نبش القبور: فإنّ النباش يطلب مطلوباً خفياً مندرساً قديماً لأنّ العرب تسميه مختفياً إما في خير أو شر فإن نبش فهو عالم ففيه نبش على مذهبه وإحياء ما اندرس من علمه وكذلك قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يفضي به نبشه إلى رمة بالية وخرق متمزقة أو تكسِر عظامه فإنه يخرج في علمه إلى بدعة وحادثة وإن وجده حياً استخرج من قبره أمراً صالحاً وبلغ مراده من إحياء سنته وشرائعه على قدره ونحوه.
وإن نبشِ قبر كافِر أو ذي بدعة أو أحد من أهل الذمة طلب مذهب أهل الضلالة أو عالج مالاً حراماً بالمكر والخديعة وإن أفضى به النبش إلى جيفة منتنة أو حمأة أو عذرة كثيرة كان ذلك أقوى في الدليل وأدل على الوصول إلى الفساد المطلوب.
وأما من رأى ميتاً قد عاش فإنّ سنته تحيا في خير أو شر لرائيها خاصة إن كان من أهل بيته أو رآه في داره أو للناس كافة إن كان سلطاناً أو عالماً.
وأما أكل الميت من دار فيها مريض فدليل على هلاكه وإلا ذهب لأهلها مال.
وأما من ناداه الميت فإن كان مريضاً لحقه وإن كان فقيهاً فقد وعظه وذكره فيما لا بد منه ليرجع عما هو فيه ويصلح ما هو عليه وأما من ضربه ميت أو تلقاه بالعبوس والتهدد وترك السلام فليحذر وليصلح ما قد خلفه عليه من وصية إن كانت إليه أو في أعمال نفسه وذنوبه فيما بينه وبين الله تعالى.
وإن تلقاه بالبشر والشكر والسلام والمعانقة فقد بشره بضد حال الأول وقد تقدم في ذكر باب الأموات ما فيه غنى.
وأما الحمل فوق النعش :
فمؤيد لما دل عليه الموت في الرؤيا وقد يلي ولاية يقهر فيها الرقاب.
وأما الدفن فمحقق لما دل عليه الموت وربما كان بأساً لمن فسد دينه من الصلاح وربما دل على طول إقامة المسافر وعلى النكاح وعلى العروس ودخول البيت في الكلة مع العروس من الاغتسال ولبس البياض ومس الطيب ثم يزوره إخوانه في أسبوعه.
وربما دل على السجن لمن يتوقعه فإن وسع عليه ونوم نومة عروس كان ما يدل عليه خير أكله وحسنت فيه عقباه وكثرت دنياه وإن كان على خلاف ذلك ساءت حالته وكانت معيشته ضنكاً.
وكان ابن سيرين يقول " أحب أن آخذ من الميت وأكره أن أعطيه " .
وقال: إذا أخذ منك الميت فهو شيء يموت.
ومن مات ولم ير هناك هيئة الأموات فإنّه انهدام داره أو شيء منها وإذا رأى الحي أنّه يحفر لنفسه قبراً بنى داراً في ذلك البلد أو تلك المحلة وثوى فيها ومن دفن في
قبر وهو حي حبس وضيق عليه وإن رأى ميتاً عانقه وخالطه كان ذلك طول حياة الحي وإن رأى الميت نائماً كان ذلك راحته.
وأما السور:
فسور المدينة دال على سلطانها وواليها وأما المجهول منه فيدل على الإسلام والعلم والقرآن وعلى المال والأمان وعلى الورع والدعاء وعلى كل ما يتحصن به من سائر الأعداء وجميع الأسوار من علم أو زوجة أو زوج أو درع أو سيد أو والد أو نحوهم.
فمن رأى سور المدينة مهدوماً مات واليها أو عزل عن عمله وإن رآه ماشياً كما يمشي الحيوان فإنّه يسافر في سلطان إلى الناحية التي مشى عليها في المنام فإن كان فوقه سافر معه.
وأما من بنى سوراً على نفسه أو داره أو على مدينته فانظر في حاله فإن كان سلطاناً حفظ من عدوه ودفع الأسواء عن رعيته وإن كان عالماً صنف في علمه ما فيه عصمة لغيره وإن كان عبداً ناسكاً حفظ الناس بدعائه ونجا هو من الفتنة به وإن كان فقيراً أفاد ما يستغني به أو يتزوج زوجة إن كان عزباً تحصنه وتدفع فتن الشيطان عنه.
وإن رأى سوراً مجهولاً وقد تثلم منه ثلم حتى دخل إلى المدينة لصوص أو أسد فإن أمر الإسلام يضعف أو العلم في ذلك المكان أو ثلم من أركان الدين ركن.
فإن كان ذلك فيما رآه كأنّه فيما يخصه وكأنّه كان فيه وحده دخل ذلك عليه في دينه أو علمه أو في ماله أو في درعه إن كان في الجهاد أو في عقوق والد أو والدة القلعة: القلاع من هم إلى فرج والقلعة ملك من الملوك يبلغ الملوك من خير إلى شر فمن رأى كأنّه دخل قلعة رزق رزقاً ونسكاً في دينه ومن رأى قلعة من بعيد فإنه يسافر من موضع إلى موضع ويرتفع أمره.
ومن رأى أنّه بنى حصناً: أحصن فرجه من الحرام وماله ونفسه من البلاء والذل.
فإن رأى أنّه خرب حصنه أو داره أو قصره فهو فساد دينه ودنياه أو موت امرأته.
ومن رأى أنّه في قلعة أو مدينة أو حصن فإنّه يرِزق صلاحاً وذكرِاً ونسكاً في دينه فإن رأى قاعد على شرف حسن فإنه يستعد أخاً أو رئيساً أو والداً ينجو به.
وقيل: الحصن رجل حصين لا يقدر عليه أحد.
فمن رآه من بعيد فإنّه علو ذكره تحصين فرجه ومن رأى أنّه تعلق بحصن من داخله أو خارجه فكذلك يكون حاله في دينه.
وقيل من رأى أنّه تحصن في قلعة نصر.
وأما البرج :
فمن رأى أنّه على برج أو فيه فإنّه يموت ولا خير فيه لقوله تعالى: " أيْنَمَا تَكُونوا يُدْرِكُكُمْ المَوْتُ وَلوْ كُنْتمْ في بُرُوج مُشيّدَةِ "
خراب العمران: من رأى الدنيا خربة من المزارع والمساكن ورأى نفسه في خراب مع حسن هيئة من لباس ومركب فإنّه في ضلالة.
ومن رأى حيطان الدار انهدمت من سيل ماء فهو موت أهلها.
فإن رأى الخراب في محلته فإنّه موت يقع هناك.
ومن رأى أنّه وثب على بيته فهدمه فهو موت امرأته.
ومن رأى أنّ بيته سقط عليه وكان هناك غبار فهوِ حصبة وربما كان سقوط السقف عليه نكبة.
ومن رأى خراباً عاد عمراناً صحيحاً فإنّ ذلك صلاح في دين صاحبه ورجوعه من الضلالة إلى الهدى.
ومن رأى سقوط شيء من داره أو قصره أو بيته إلى داخل وكان له غائب قدم عليه وإن كان عنده شيء يخطب إليه خطب من ابنة أو أخت أو غيرهما وإن هدمت الريح داراً فهو موت من في ذلك على يد سلطان جائر.
القناطر: القنطرة المجهولة تدل على الدنيا سيما إن كانت بين المدينة والجبانة لأنّ الدنيا تعبر ولا تعمر.
وربما دلت على السفن لأنّها كالمسافة والسبيل المسلوك المتوسط بين المكانين وربما دلت على السلطان والحاكم والمفتي وكل من يتوصل الناس به إلى أمورهم ويجعلون ظفره جسراً في نوازلهم وربما دلت على الصراط لأنّه عقبة في المحشر بينه وبين الجنة.
فمن جاز في المنام على قنطرة عبر الدنيا إلى الآخرة سيما إن لقي من بعد عبوره موتى أو دخل داراً مجهولة البناء والأهل والموضع أو طار به طائر أو ابتلعته دابة أو سقط في بئر أو حفير أو صعد إلى السماء كل ذلك إذا كان مريضاً في اليقظة.
وإن لم يكن مريضاً نظرت فإن كان مسافراً بشرته بتقضي سفره واستدللت كلى ما تقدم عليه بالذي أفضى عليه عند نزول القنطرة من دلائل الخير والغنى أو الشر والفقر.
فإن نزل إلى خصب أو تين أو شعير أو تمر أو امرأة أو عجوز وصل إلى فائدة ومال وإن نزل إلى أرض ومسجد نال مراده في سفره إما حج أو غزو أو رباط.
وإن تلقته أسد أو حمأة أو جدب أو تبن أو عنب أسود أو سودان أو ماء قاطع أو سيل دافق فلا خير في جميع ما يلقاه في سفره أو حين وصوله إلى أهله فإن كانت له خصومة أو عند رئيس حاجة نال منها ورأى منه فيها ما يدل على جميع ما نزل إليه من خير أو شر.
وأما من صار جسراً أو قنطرة فإنّه ينال سلطاناً ويحتاج إليه وإلى جاهه وإلى ما عنده.
الأعمدة: العمود يدل على كل من يعتمد عليه وما هو عمدة وعماد ودعامة كالإسلام والقرآن والسنن والفقه والدين والسلطان والفقيه والحاكم والوالد والسيد والزوج والوصي والشاهد والزوجة والحال.
وبمكان العموِد وزيادة المنام وصفات النائم يستدل على تأويل الأمر وحقيقة الرؤيا فمن رأى عموداً قد مال عن مكانه وكاد أن يسقط من تحت بنائه فإن كان في الجامع الأعظم فإنّ رجلاً من رجال السلطان ينافق عليه أو يهم بالخروج عن طاعته أو عن مذهبه أو رجلاً من العلماء أو الصلحاء يحور عن علمه ويميل عن استوائه لفتنة دخلت عليه أو بلية نزلت به وإن كان في مسجد من مساجد القبائل فإنّه إمامه أو مؤذنه أو من يعمره ويخدمه.
وإن كان العمود في داره ومسكنه فإن كان صاحب الرؤيا عبداً فالعمود سيده يتغير عليه ويبدو إليه منه ما يكره ويخافه إذا كان قد خاف منه في المنام من سقوطه عليه وإن كان امرأة فالعمود زوجها وإن كان رجلاً فالعمود والده وسقوط العمود مرض المنسوب إليه أو هلك إن كان مريضاً وكذلك إن ارتفع إلى السماء فغاب فيها أو سقط في بئر أو حفير فلم ير.
وإن كان العمود من أعمدة الكنائس فالمنسوب فيما جرى عليه كافر أو مبتدع كالرهبان والشمامسة ورؤوس البدع.
المساجد :
المسجد يدل على الآخرة لأنّها تطلب فيه كما تدل المزبلة على الدنيا وتدل على الكعبة لأنّها بيت الله وتدل على الأماكن الجامعة للريح والمنفعة والثواب والمعاونة كدار الحاكم وحلقة الذكر والموسم والرباط وميدان الحرب والسوق لأنّه سوق الآخرة.
ثم يدل كل مسجد على نحوه في كبره واشتهاره وجوهره.
فمن بنى مسجداً في المنام فإن كان أهلاً للقضاء ناله وكذلك إن كان موضعاً للفتوى وقد يدل في العالم على مصنف نافع تصنيفه وفي الوراق على مصحف يكتبه وفي الأعزب على نكاح وتزويج ولطلاب المال والدنيا على بناء يبنيه تجري عليه غلته وتدوم عليه فائدته كالحمام والفندق والحانوت والفرن والسفينة وأمثاله ذلك لما في المسجد من الثواب الجاري مع كثرة الأرباح فيه في صلاة الجماعة ومجيء الناس إليه من كل ناحية ودخولها فيه بغير إذن.
ومن كان في يقظته مؤثراً للدنيا وأموالها أو كان مؤثراً لآخرته على عاجلته عادت الأمثال الرابحة إلى الأرباح والفوائد في الدنيا له أو إلى الآخرة والثواب في الآجلة التي هي مطلبه في يقظته.
وأما من هدم مسجداً فإنّه يجري في ضد من بناه وقد يستدل على ابتذال حالته بالذي يبنيه في مكانه أو يحدثه في موضعه من بعد هدمه فإن بنى حانوتاً آثرِ الدنيا على الآخرة وإن بنى
حماماً فسد دينه بسبب امرأة وإن حفر في مكانه حفيراً أثم من مكر مكره أو من أجل جماعة فرقها عن العلم والخير والعمل أو من أجل حاكم عزله أو رجل صالح قتله أو مكان فيه من عطلة أو نكاح معقود أفسده وأبطله.
وإن رأى نفسه مجرداً من الثياب في مسجد تجرد فيما يليق به من دلائل المسجد فإن كان ذلك في أيام الحج فإنّه يحج إن شاء الله سيما إن كان يؤذن فيه وإن كان مذنباً خرج مما هو فيه إلى التوبة والطاعة وإن كان يصلي فيه على غير حالة إلى غير القبلة بادي السوأة فإنّه يتجرد إلى طلب الدنيا في سوق من الأسواق وموسم من المواسم فيحرم فيه ما أمله ويخسر فيه كل ما قد اشتراه وباعه لفساد صلاته وخسارة تعبه.
وقد يدل ذلك على فساد ما يدخل عليه في غفلته من الحرام والربا إن لاق ذلك به.
.
وأما المسجد الحرام فيدل على الحج لمن تجرد فيه أو أذن وإن لم يكن ذلك في أيام الحج بجوهره في ذلك ودليله لأنّ الكعبة التي إليها الحج فيه.
وقد تدل على دار السلطان المحرمة ممن أرادها التي يأمن من دخلها وعلى دار العالم وعلى جامع المدينة وعلى السوق العظيم الشأن الكبير الحرام كسوق الصرف والصاغة لكثرة ما يجب فيها من التحري وما يدخل على أهلها من الحرام والنقص والإثم وكذلك كل الحرام بما الإنسان فيه مطلوب بالمحفظ من إتيان المحرمات ومن التعدي على الحيوانات ومن إماطة الأذى.
وأما جامع المدينة: فدال على أهلها وأعاليه رؤساؤها وأسافله عامتها وأساطينه أهل الذكر والقيام بالنفع في السلطان والعلم والعبادة والنسك ومحرابه إمام الناس ومنبره سلطانهم أو خطيبهم وقناديليه أهل العلم والخير والجهاد والحراسة في الرباط وأما حصره فأهل الخير والصلاح وكل من يجتمع إليه ويصلي فيه وأما مأذنته فقاضي المدينة أو عالمها الذي يدعي الناس إليه ويرضى بقوله ويقتضى بهديه ويصار إلى أوامره ويستجاب لدعوته ويؤمن على دعائه وأما أبوابه فعمال وأمناء وأصحاب شرط وكل من يدفع عن الناس ويحفظهم ويحفظ عليهم.
فما أصاب شيئاً من هذه الأشياء أو رأى فيه من صلاح أو فساد عاد تأويله على من يدل عليه خاصة أو عامة.
الكعبة :
ربما دلت على الصلاة لأنّها قبلة المصلين وتدل على المسجد والجامع لأنّها بيت الله وتدل على من يقتدي به ويهتدي بهديه ورجع إلى أمره ولا يخالف إلى غيره كالإسلام والقرآن
والسنن والمصحف والسلطان والحاكم والعالم والوالد والسيد والزوج والوالدة والزوجة وقد تدل على الجنة لأنّها بيت الله.
والجنة داره بها ويوصل إليها.
وقد تدل على ما تدل عليه الجوامع والمساجد من المواسم والجماعات والأسواق والرحاب.
فمن رأى الكعبة صارت داره سعى إليه الناس وازدحما على بابه لسلطان يناله أو علم يعلمه أو امرأة شريفة عالية سلطانية أو ناسكة تتزوجين.
وإن كان عبداً فإنّ سيده يعتقه لأنّ الله تعالى أعتق بيته من أيدي الجبابرة.
وأما إن كان حولها أو يعمل عملاً من مناسكها فهو يخدم سلطاناً أو عالماً أو عابداً أو والده أو والدته أو زوجة أو سيداً بنصح وبر وكد وتعب.
وإن رأى كأنّه دخلها تزوج إن كان عزباً وأسلم إن كان كافراً وعاد إلى الصلاة والصلاح إن كان غافلاً وإلى طاعة والديه إن كان عاقاً.
وإلا دخل دار سلطان أو حاكم أو فقيه لأمر من الأمور الذي يستدل عليه بزيادة منامه وأحواله في يقظته إلا أن يكون خائفاً في اليقظة فإنّه يأمن ممن يريده.
وإن كان مريضاً فذلك موته وفوزه سيما إن كان في المنام قد حمل إليها في محمل صامتاً غير متكلم أو ملبياً متجرداً من وأما إن رآها في بلاد أو محلة فإن كانت الرؤيا خاصة لرائيها ولم ير جماعة من الناس معه عند رؤيتها فانظر إلى حالته فإن كان منتظراً الزوجة قد عقد نكاحها وطال عليه انتظارها فقد دنا أمرها وقرب إليه مجيئها سيما إن رآها في محلتها أو في محلته وإن دخلها وهي عنده أهديت إليه وإن دخلها دخل عليها في دارها عاجلاً سرِيعاً لقرب الكعبة منه من بعد بعدها ومشقة مسافتها وإن رآها في ذلك من كان غافلاً في دينه أو تاركاً للصلاة فإنّها له نذير وتحذير من تركه لما عليه أن يعمله من التوجيه إليها في مكانه وكذلك إن كان ممن يلزمه الحج وقد غفل عنه فقد ذاكرته في نفسها واقتضته في المجيء إليها وإن لم يكن شيء من ذلك وكانت الرؤيا لعامة الناس اجتماعهم حولها في المنام وضجيجهم عندها في الأحلام فإما سلطان عادل يلي يقدم عليهم أو حاكم أو رجل عالم أو إمام مذكور يقدم من حج الناس أو سفر بعيد أو يخرج من داره من بعد تزاويه لحادث يحدث له أو فرض يلزمه أو ميت يموت له فيتبعه الناس ويطوفون حوله بالدعاء له والتبرك به ونحو ذلك.
الكنيسة :
دالة على المقبرة وعلى دار الزانية وعلى حانوت الخمر ودار الكفر والبدع وعلى دار المعازف والزمر والغناء وعلى دار النوح والسواد والعويل وعلىِ جهنم دار من عصى ربه
وعلى السجن فمن رأى نفسه في كنيسة فإن كان فيها ذاكراً لّه تعالى أو باكياً أو مصلياً إلى الكعبة فإنّه يدخل جبانة لزيارة الموتى أو لصلاة على جنازة.
وإن كان بكاؤه بالعويل أو كان حاملاً فيها ما يدل على الهموم فإنه يسجن في السجن.
وإن رأى فيها ميتاً فهو في النار محبوس مع أهل العصيان.
وإن دخلها حياً مؤذنَاً أو تالياً للقران فإن كان في جهاد غلب هو ومن معه على بلد العدو وإن كان في حاضرة دخل على قومه في عصيان أو بدع وإلحاد فوعظهم وذكرهم وحجهم وقام بحجة الله فيهم.
وإن كان من يرى معهم ويصلي بصلاتهم ويعمل مثل أعمالهم فإن كان رجلاً خالط قوماً على كفر أو بدعة أو زناً أو خمر أو على معصية كبيرة كالغناء والزمر وضرب البربط والطبل سيما إن كان قد سجد معهم للصليب لأنّه من خشب.
وإن كان امرأة حضرت في عرس فيه معازف وطبول فخالطتهم أو في جنازة فيها شق وسواد ونوح وعويل فشاركتهم.
الصومعة: تدل على السلطان وعلى الرئيس العالي الذكر بالعلم والعبادة وكذلك المنازل بمكانها ومنافعها وجوهرها ومعروفها ومجهولها يستدل على تأويلها وحالة المنسوب إليها فما أصابها أو نزل بها من هدم أو سقوط أو غير ذلك عاد تأويله على من دلت عليه.
وما كان منها في الهواء أو الجبانة أو في البرية فدالة على قبور الأشراف ونفوس الشهداء على قدر ألوانها وجوهر بنائها وما كان منها أسود اللون أو مملوءاً بالخنازير فهي كنائس.
والبيعة مجراها في التأويل.
وأما الناوس فإذا رأى فيه الموتى دل على بيت مال حرام وإذا رآه خالياً من الموتى فيدل على رجل سوء يأوي إليه رجال سوء.
والله أعلى وأعلم ،،،
تفسير الأحلام لأبن سيرين
حماماتها وأرحيتها وأسواقها
وحوانيتها وسقوفها وأبوابها
وطرقها وسجونها وبيعها وكنائسها
وبيوت نيراتها ونواويسها وما أشبة ذتك .
الحمام :
يدل على المرأة لحل الإزار عنده ويؤخذ الإنسان معه مع خروج عرقه كنزول نطفته في الرحم وهو كالفرج.
وربما دل على دور أهل النار وأصحاب الشر والخصام والكلام كدور الزناة والسجون ودور الحكام والجباة لناره وظلمته أو جلبة أهله وحسن أبوابه وكثرة جريان الماء فيه.
وربما دل على البحر والأسقام وعلى جهنم.
فمن رأى نفسه في حمام أو رآه غيره فيه فإن رأى فيه ميتاً فإنّه في النار والحميم لأنّ جهنم ادراك وأبواب مختلفة وفيها الحميم والزمهرير وإن رأى مريض ذلك نظرت في حاله فإن رأى أنّه خارج من بيت الحرارة إلى بيت الطهر وكانت علته في اليقظة حراً تجلت عنه.
فمان اغتسل وخرج منه خرج سليماً.
وإن كانت علته برداً تزايدت به وخيف عليه.
فإن اغتسل مع ذلك ولبس بياضاً من الثياب خلاف عادته وركب مركوباً لا يليق به فإنّ ذلك غسله وكفنه ونعشه.
وإن كان ذلك في الشتاء خيف عليه الفالج.
وإن رأى أنّه داخل في بيت الحرارة فعلى ضد ما تقدم في الخروج يجري الاعتبار ويكون البيت الأوسط لمن جلس فيه من المرضى دالاً على توسطه في علته حتى يدخل أو يخرج فإما نكسة أو إفاقة.
وإن كان غير مريض وكانت له خصومة أو حاجة في دار حاكم أو سلطان أو جاب حكم له وعليه على قدر ما ناله في الحمام من شدة حرارته أو برده أو زلق أو رش.
فإن لم يكن شيء من ذلك وكان الرجل عزباً تزوج أو حضر في وليمة أو جنازة وكان فيها من الجلبة أو الضوضاء والهموم والغموم كالذي يكون في الحمام وإلا ناله عنه سبب من مال الدنيا عند حاكم لما فيه من جريان الماء والعرق وهي أموال.
وربما دل العرق خاصة على الهم والتعب والمرض مع غمه الحمام وحرارته.
فإن كان فيه متجرداً من ثيابه فلأمر مع زوجته ومن أجلها وناحيتها وناحية أهلها يجري عليه ما تؤذن الحمام به.
فإن كان فيه بأثوابه فالأمر من ناحية أجنبية أو بعض المحرمات كالأم والابنة والأخت حتى تعتبر أحواله أيضاً وتنقل مراتبه ومقاماته وما لقيه أو يلقاه بتصرفه في الحمام وانتقاله فيه من مكان إلى مكان.
وإن رأى أنّه دخله من قناة أو طاقة صغيرة في بابه أو كان فيه أسد أو سباع أو
وحش أو غربان أو حيات فإنّه امرأة يدخل إليها في زينة ويجتمع عندها مع أهل الشر والفجور من الناس.
وقال بعضهم: الحمام بيت أذى ومن دخله أصابه هم لا بقاء له من قبل النساء.
والحمام اشتق من اسمه الحميم فهو حم والحم صهر أو قريب.
فإن استعمل فيه ماء حاراً أصاب هماً من قبل النساء وإن كان مغموماً ودخل الحمام خرج من غمه.
فإن اتخذ في الحمام مجلساً فإنّه يفجر بامرأة ويشهر بأمره لأنّ الحمام موضع كشف العورة.
فإن بنى حماماً فإنّه يأتي الفحشاء ويشنع عليه بذلك.
فإن كان الحمام حاراً ليناً فإنّ أهله وصهره وقرابات نسائه موافقون مساعدون له مشفقون عليه.
فإن كان بارداً فإنّه لا يخالطونه ولا ينتفع بهم.
وإن كان شديد الحرارة فإنّه يكونون غلاظ الطباع لا يرى منهم سروراً لشدتهم.
وقيل إن رأى أنّه في البيت الحار.
فإنّ رجلاً يخونه في امرأته وهو يجهد أن يمنعه فلا يتهيأ له.
فإن امتلأ الحوض وجرى الماء من البيت الحار إلى البيت الأوسط فإنّه يغضبه على امرأته وإن كان الحمام منسوباً إلى غضارة الدنيا فإن كان بارداً فإنّ صاحب الرؤيا فقير قليل الكسب لا تصل يده إلىِ ما يريد.
وإن كان حاراً ليناً واستطابه فإنّ أموره تكون على محبة ويكون كسوباً صاحب دولة يرى فيه فرجاً وسروراً.
وإن كان حاراً شديد الحرارة فإنّه يكون كسوباً ولا يكون له تدبير ولا يكون له عند الناس محمدة.
وقيل من رأى أنّه دخل حماماً فهو دليل الحمى النافض.
فإن رأى أنّه شرب من البيت الحار ماء سخناً أو صب عليه أو اغتسل به على غير هيئة الغسل فهو هم وغم ومرض وفزع بقدر سخونة الماء وإن شربه من البيت الأوسط فهي حمى صالبة.
وإن شربة من البيت البارِد فهو برسام فإن رأى أنّه اغتسل بالماء الحار وأراد سفراً فلا يسافر.
فإن كان مستجيراً بإنسان يطلب منفعته فليس عنده فرج لقوله تعالى: " وإنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْل " .
فإذا اجتمع الحمام والاغتسال والنورة فخذ بالاغتسال والنورة ودع الحمام فإنّ ذلك أقوى في التأويل.
فإن رأى في محله حماماً مجهولاً فإنّ هناك امرأة ينتابها الناس.
وقال بعضهم: من رأى كأنّه يبني حماماً قضيت حاجته.
وحكي أنّ رجلاً رأى كأنّه زلق في الحمام فقصها على معبر فقال: شدة تصيبك.
فعرض له أنّه زلق في الحمام فانكسرت رجله.
والأتون :
أمر جليل على كلِ حال وسرور فمن رأى أنّه يبني أتوناً فإنّه ينال ولاية وسلطاناً.
وإن لم يكن متحملاً فإنّه يشغل الناس بشيء عظيم.
الفرن: المعروف دال على مكان معيشة صاحبه وغلته ومكسبه كحانوته وفدانه ومكان متجره لما يأوي إليه من الطعام وما يوقد فيه من النار النافعة وما يربى فيه من زكاة الحنطة المطحونة وريعها وطحن الدواب والأرحية وخدمتها وربما دل على نفسه فما جرى عليه من خير أو شر أو زيادة أو نقص أو خلاء أو عمارة عاد عليه أو على مكان كسبه وغلته.
وأما الفرن المجهول فربما دل على دار السلطان ودار الحاكم لما فيه من وقيد النار.
والنار سلطان يضر وينفع ولها كلام وألسنة.
وأما العجين والحنطة التي تجيء إليه من كل مكان وكل دار فهي كالجبايات والمواريث التي تجبى إلى دار السلطان وإلى دار الحاكم ثم يردونها أرزاقاً.
والدواب كالأبناء والأعوان والوكلاء وكذلك ألواح الخبز.
وربما دل على السوق لأنّ أرزاق الخلق أيضاً تساق إليها ويكون فيها الربح كرماده المطحون والخسارة كنقص المخبوز والحرام والكلام للنار التي فيه فمن بعث بحنطة أو شعير إلىِ الفرن المجهول فإن كان مريضاً مات ومضي بماله إلى القاضي.
وإن لم يكن مريضاً وكان عليه عشر للسلطان أو كراء أو بقية من مغرم ونحو ذلك أدى ما عليه وإلا بعث بسلعة إلى السوق.
فإن كان المطحون والمبعوث به إلى الفرن شعيراً أتاه في سلعته قريب من رأس ماله.
وإن كانت حنطة ربح فيها ثلثاً للدينار أو ربعاً أو نصفاً على قدر زكاتها إن كان قد كالها أو وقع في ضميره شيء منها.
الرحا :
الطاحون تدل على معيشة صاحبها وحانوته وكل من يتعيش عنده أو كل من يخدمه ويصلح طعامه وينكحه من زوجة وأمة.
وربما دلت على السفر لدورانها وربما دلت علىِ الوباء والحرب لسحقها.
والعرب والشعراء كثيراً ما يعبرون بها عنهما فمن اشترى رحاً تزوج إن كان عزباً أو زوج ابنته أو ابنه أو اشترى خادماً للوطء أو للخدمة أو سافر إذا كان من أهل السفر وإن كان فقيراً استفاد ما يكتفي به لأنّ الرحا لا يحتاج إليها إلا من عنده ما يطحنه فيها.
وأما من نصب رحاً ليطحن فيها الناس على ماء أو بحر أو غيره فإنّه يفتح دكاناً أو حانوتاً إن لم يكن له حانوت ويدر فيها رزقه إن كان قد تعذر عليه أو جلس للناس بمساعدة سلطان لحكومة أو منفعة أو أمانة وكان له حس في الناس.
وأما من تولى الطحين بيده فإنّه يتزوج أو يتسرى أو يجامع لأنّ الحجرين كالزوجين والقطب كالذكر والعصمة.
وإن كانت بلا قطب كان الجماع حراماً وقد تكون امرأتين يتساحقان فإن لم يكن عنده شيء من ذلك فلعله يتوسط العقد بين زوجين أو شريكين أو يسافر في طلب الرزق.
وأما الرحا الكبيرة إذا رؤيت في وسط المدينة أو في الجوامع فإن كانت بلد حرب كان حرباً سيما إن كانت تطحن ناراً أو صخراً.
وإلا كانت طاحوناً سيما إن كان المطحون شعيراً معفوناً أو ماء وطيناً ولحماً هزيلاً.
وقال بعضهم: الرحا على الماء رجِل يجري على يديه أموال كثيرة سائس للأمور ومن التجأ إليه حسن جده رأى رحاً تدور در عليه خير بمقدار الدقيق.
ومجرى الماء الذي يدخل إلى الرحا من جهة هذا المذكور.
وربما كانت الرحا إذا دارت سفراً.
فإن دارت بلا حنطة فهو شغب والرحا إذا دارت معوجة يغلو الطعام.
ورحا اليد رجلان قاسيان شريكان لا يتهيأ لغيرهما إصلاحهما.
وحكي أنّ رجلاً رأى كأنّ رحا تدور بغير ماء فقص رؤياه على معبر فقال: قد تقارب أجلك.
ورحا الريح خصومة لا بقاء لها.
وانكسار الرحا مختلف في تأويله فمنهم من قال تدل على فرج صاحبها من الهموم ومنهم من قال تدل على موت صاحبها.
ومن رأى له رحا تطحن أصاب خيراً من كد غيره.
والرحا تدل على الحرب لقول العرب فيها رحا الحرب.
السوق :
تدل على المسجد كما يدل المسجد على السوق لأنّ كليهما يتجر فيه ويربح.
وقد يدل على ميدان الحرب الذي يربح فيه قوم ويخسر فيه قوم وقد سمى الله تعالى الجهاد تجارة فِي قوله: " هَلْ أدلّكُمْ عَلىَ تِجَارَةٍ تُنْجيكُم "
فأهل الأسواق يجاهدون بعضهم بعضاً بأنفسهم وأموالهم.
وربما دلت على مكان فيه ثواب أجر وربح كدار العلم والرباط وموسم الحج.
ومما يباع في السوق يستدل على ما يدل عليه.
وكل ذلك ما كانت السوق مجهولة فسوق اللحم أشبه شيء بمكان الحرب ما يسفك فيه من الدماء وما فيه من الحديد.
وسوق الجوهر والبز أشبه شيء بحلق الذكر ودور العلم.
وسوق الصرف أشبه شيء بدار الحاكم لما فيها من تصاريف الكلام والوزن والميزان.
فمن رأى نفسه في سوق مجهولة قد فاتته فيها صفقة أو ربح في سلعة فإن كان في اليقظة في جهاد فاتته الشهادة وولى مدبراً وإن كان في حج فاته أو فسد عليه وإن كان طالباً للعلم تعطل عنه أو فاته فيه موعداً وطلبه لغير الله وإن لم يكن في شيء من ذلك فاتته الصلاة الجماعة في المسجد.
وأما من يسرق في سوقه في بيعه وشرائه فإن كان مجاهداً غل وإن كان حاجاً محرماً اصطاد
أو جامع أو تمتع وإن كان عالماً ظلم في مناظرته أو خان في فتاويه وإلا رأى بصلاته أو سبق إمامه فيها بركوعه أو سجوده أو لم يتم هو ذلك في صلاة نفسه لأنّ ذلك أسوأ السرقة كما في الخبر.
وأما السوق المعروفة: فمن رآها عامرة بالناس أو رأى حريقاً وقِع فيها أو ساقية صافية تجري في وسطها أو كان التبن محشواً في حوانيتها أو ريحا طيبة تهب من خلالها درت معيشة أهلها وأتتهم أرباح وجاءهم نفاق.
وإن رأى أهل السوق في نعاس أو الحوانيت مغلقة أو كان العنكبوت قد نسج عليها أو على ما يباع كان فيها كساد أو نزلت بأهلها عطلة.
وإن رأى سوقاً انتقلت انتقلت حالة المنتقل إلى جوهر ما انتقلت إليه كسوق البز ترى القصابين فيه فإنّه يكثر أرباح البزازين في افتراق المتاع وخروجه.
وإن رأى فيه أصحاب الفخار والقلال قلت أرباحهم وضعفت أكسابهم.
وإن رأى فيه أصحاب هرائس ومقالي نزلت فيه محنة إما عن حريق أو نهر أو هدم أو نحوه.
وقال بعضهم: السوق الدنيا واتساع السوق اتساع الدنيا.
وقيل السوق تدل على اضطراب وشغب بسبب من يجتمع إليها منِ العامة.
َ فأما من تعيش من السوق فإنّه دليل خير إذا رأى فيها خلقاً كبيراً أو شغلاً فأما إذا كانت السوق هادئة دلت الحانوت: يدل على كل مكان يستفيد المرء فيه فائدة في دنياه وأخراه كبستانه وفدانه ونخلته وشجرته وزوجته ووالده ووالدته أو كتابه من قول العامة لمن اعتمد مكانا للفائدة جعله حانوته.
فمن رأى حانوته انهدم فإن كان والده مريضاً مات لأن معيشته منه.
وإن كانت أمه مريضة هلكت لأنّها كانت تربيه بلبنها وتقويه بعيشها.
وكانت زوجته حاملاً أو سقيمة ماتت لأنّها دنياه ولذته ومتعته ومن في بطنها ماؤه وولده الذي هو في التأويل ماله.
فإن لم يكن شيء من ذلك تعذرت عليه معيشته وتعطلت عليه الأماكن التي بها قوامه.
ومن رأى أنّه يكسر باب حانوت فإنّه يتحول منه.
وإن رأى أبواب الحوانيت مغلقة نالهم كساد في أمتعتهم وانغلاق في تجاراتهم.
فإن رأى أبوابها مسدودة ماتوا وذهب ذكرهم.
فإن رآها مفتحة تفتح عليهم أبوابِ التجارة.
الخان :
فندق الرجل يدل على ما تدل عليه داره من جسمه ومجده واسمه وذكره وحمامه وفرنه ومجلس قضائه فما جرى عليه عاد عليه.
وأما المجهول منها فدال على السفر لأنّه منزلهم.
وربما دل على دار الدنيا لأنّها دار سفر يرحل منها قوم وينزل آخرون.
وربما دل على الجباية
لأنّها منزل من سافر عن بيته وخرج عن وطنه إلى غير بلاده وهو في حين غربته إلى أن يخرج منها مع صحابته وأهل رفقته.
فمن رأى كأنّه دخل في فندق مجهول مات إن كان مريضاً أو سافر إن كان صحيحاً أو انتقل من مكان إلى مكان.
فأما من خرج من فندق إلى فندق فركب دابة عند خروجه أو خرج بها من وسطه نظرت إلى حاله فإن كان مريضاً خرج محمولاً وإن كان في سفر تحرك منه وسافر عنه وكذلك إن رأى رفقة نازلة في فندق مجهول ركباناً أو خرجوا منه كذلك فإنّه يكون وباء في الناس أو الرفاق كما تقدم.
أو يخرج بفرق بين الأمرين بأهل الرفقة وأحوالهم في اليقظة ولما لهم ومعروفهم ومجهولهم وبرهم ومراكبهم.
السجن :
يدل على ما يدل عليه الحمام وربما دل على المرض المانع من التصرف والنهوض وربما دلت على العقلة عن السفر وربما دل على القبر وربما دل على جهنم لأنّها سجن العصاة والكفرة ولأن السجن دار العقوبة ومكان أهل الجرم والظلم.
فمن رأى نفسه في سجن فانظر في حاله وحال السجن فإن كان مريضاً والسجن مجهولاً فذلك قبره يحبس فيه إلى القيامة وإن كان السجن معروفاً طال مرضه ورجيت إفاقته وقيامه إلى الدنيا التي هيِ سجن لمثله لما في الخبر أنّها سجن المؤمن وجنة الكافر وإن كان المريض مجرماَ فالسجن المجهول قبره والمعروف دالة على طول إقامته في علته ولم ترج حياته إلا أن يتوب أو يسلم في مرضه.
وإن رأى ميتاً في السجن فإن كان كافراً فذاك دليل على جهنم وإن كان مسلماً فهو محبوس عنِ الجنة بذنوب وتبعات بقيت عليه وأما الحي السليم يرى نفسه في سجن فانظر أيضاَ إلى ما هو فيه فإن كان مسافراً في بر أو سفينة أصابته عقلة وعاقة بمطر أو ريح أو عدو أو حرب أو أمر من سلطان.
وإن لم يكن مسافراً دخل مكاناً يعصي الله فيه كالكنيسة ودار الفكر والبدع أو دار زانية أو خمار كل إنسان على قدره.
وما في يقظته مما ينكشف عند المسألة أو يعرف عنه بالشهرة أو بزيادة منامه من كلامه وأفعاله في أحلامه.
وقال بعضهم من رأى أنّه اختار لنفسه فإنّ امرأة تراوده عن نفسه و الله يصرف عنه كيدها ويبلغه مناه لقوله تعالى: " رَبِّ السِّجْنُ أَحَبّ إليَّ مِمّا يَدْعُونَني إلَيْهِ " .
وحكي أنّ سابور بن أردشير في حياة والده رأى كأنّه يبني السجون ويأخذ الخنازير والقردة من الروم فيدخلها فيه وكان عليه أحد وثلاثون تاجاً فسأل المعبر عنه فقال: تملك إحدى وثلاثين سنة وأما بناء السجون فبعددها تبني مدائن وتأخذ الروم وتأسر منهم.
فكان كذلك.
كأنّه بعد موت أبيه أخذ ملك الروم وبنى مدينة نيسابور ومدينة الأهواز ومدينة ساوران.
المزبلة :
هي الدنيا وبها شبهها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وقف عليها.
والزبل الماء لأنّه من تراب الأرض وفضول ما يتصرف الخلق فيه ويتعيشون به من عظام وخزف ونوى وتبن ونحو ذلك مما هو في التأويل أموال.
فمن رأى نفسه على مزبلة غير مسلوكة فانظر إلى حاله وإلى ما يليق به في أعماله فإن كان مريضاً أو خائفاً من الهلاك بسبب من الأسباب بشَرته بالنجاة أو بالقيام إلى الدنيا المشبهة بالمزبلة.
وإن رأى ذلك فقير استغنى بعد فقره وكسب أموالاً بعد حاجته وإن كان له من يرجو ميراثه ورثه لأنّ الزبل من جمع غيره ومن غير كسبه.
والمزبلة مثل مال مجموع من ههنا ومن ههنا بلا ورع ولا نحر لكثرة ما فيها من التخليط والأوساخ والقاذورات.
وإن كان أعزب تزوج.
وكان الأزبال شوارها وقشها المقشش من كل ناحية والمشترى من كل مكان والمستعار من كل دار.
فإن لم تكن ذلك فالمزبلة دكانه وحانوته ولا يعدم أن يكون صرافاً أو خماراً أو سفاطاً أو من يعامل الخدم والمهنة كالفران.
وإن كان يليق به القضاء والملك والجباية والقبض من الناس ولي ذلك وكانت الأموال تجيء إليه والفوائد تهدى إليه والمغارم والمواريث لأنّ الزبل لا يؤتى به إلى المزبلة إلا من بعد الكنس.
والكنس دال على الغرم وعلى الهلاك والموت.
وربما كانت المزبلة للملك بيت ماله وللقاضي دار أمينة وصاحب ودائعه.
وأما من يقرأ فوق مزبلة فإن كان والياً عزل وإن كان مريضاً مات وإن كان فقيراً تزهد وافتقر.
الطرق الجادة: الطريق هو الصراط المستقيم والصراط هو الدين والاستقامة.
فمن يسلك فيه فهو على الطريق المستقيم ومنهاج الدين وشرائع الإسلام ومتمسك بالعروة الوثقى من الحق.
فإن ضل الطريق فهو متحير في أمر نفسه ودينه.
وإن رأى أنّه يمشي مستوياً على الطريق فإنّه على الحق.
فإن كان صاحب دنيا فإنّه يهدي إلى تجارة مربحة.
وأما الطريق المضلة فضلالة لسالكها.
فإن استرشد وأصاب عاد إلى الحق.
والطريق الخفي غرور وبدعة.
وأما الطريق المنعرج في السلوك فيكون في المذاهب والأعمال.
قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: رأيت كأنّي أخذت جواد كثيرة فاضمحلت حتى بقيت جادة واحدة فسلكتها حتى انتهيت إلى جبل فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقه إلى جنبه أبو بكر رضوان الله عليه قلت: إنّا للّه وإنا إليه راجعوان.
وأما السراب :
فمن رأى سراباً فإنّه يسعى في أمر قد طمع فيه لا يحصل له منه مقصود لقوله تعالى: " كَسَرَابِ بَقِيْعَة " .
بئر الكنيف: تدل على المطمورة وعلى المخزن وعلى الكيس لما فيها من العذرة الدالة على المال فمن كنسها ورمى بما فيها من العذرة باع ما عنده من السلع الكاسدة أو بعث بماله في سفر أو عامل به نسيئة إن كان ذلك شأنه إذا حمل فيها في الجرار وإن صب في القناة أو وجدها لا شيء فيها ذهب ماله ودناه فقره وإن كان فقيراً ذهب همه ونقصِ حزنه حزن الفقر لكنسها عند امتلائها في يقظته وقد يدل على الدين فإن كان مديوناً قضى دينه لأنّها حش.
وأما من بال فيها لبناً أو عسلاً أتى دبراً حراماً إن كانت مجهولة وإن كانت في داره صنع ذلك الجبانة: تدل على الآخرة لأنها ركابها وإليها يمضي بمن وصل إليها وهي محبس من وصل إليها وربما دلت على دار الرباط والنسك والعبادة والتخلي من الدنيا والبكاء والمواعظ لأنّه أهلها في نزاويهم عن الناس عبرة لمن زارهم وموعظة لمن رآهم وانكشف إليه أحوالهم وأجسامهم المنهوكة وفرقهم المسحوقة وقد سماها النبي صلى الله عليه وسلم حين دخلها وسلم على ساكنيها: دار قوم مؤمنين.
وربما دلت على الموت لأنّه داره وربما دلت على دار الكفار وأهل البدع ومحلة أهل الذمة لأنّ من فيها موتى.
والموت في التأويل فساد الدين وربما دلت على دور المستخفين بالأعمال المهلكة والفساد كدور الزناة ودور الخمور التي فيها السكارى مطرحين كالموتى ودور الغافلين الذين لا يصلون ولا يذكرون الله تعالى ولا ترفع لهم أعمال وربما دلت على السجن لأنّ الميت مسجون في قبره فمن دخل جبانة في المنام وكان مريضاً فيِ اليقظة صار إليها ومات من علته ولا سيما إن كان فيها بيتاً أو داراً فإن لم يكن مريضاً فانظر فإن كان في حين دخوِله متخشعاً باكياً بعينه أو تالياً لكتاب الله تعالى أو مصلياً إلى القبلة فإنّه يكون مداخلأَ لأهل الخير وحلق الذكر ونال نسكاً وانتفع بما يراه أو يسمعه وإن كان حين دخوله ضاحكاً أو مكشوف السوأة أو بائلاً على القبور أو ماشياً مع الموتى فإنّه يداخل أهل الشر والفسوق وفساد الدين يخالطهم على ما هم عليه وإن دخلها بالأذان وعظ من لا يتعظ وأمر بالمعروف من لا يأتمر وقام بحق وشهد بصدق بين قوم غافلين جاهلين أو كافرين وأما من رأى الموتى وثبوا من قبورهم أو رجعوا إلى دورهم مجهولين غير معروفين فإنّه يخرج من السجن أو يسلم أهل مدينة مشركين أو ينبت ما زرعه الناس من الحب في الأرض مما أيسوا منه لدوام القحط على قدر ما في زيادة الرؤيا وما في اليقظة من الشواهد والأمور الظاهرة الغالبة.
وأما منِ نبش القبور: فإنّ النباش يطلب مطلوباً خفياً مندرساً قديماً لأنّ العرب تسميه مختفياً إما في خير أو شر فإن نبش فهو عالم ففيه نبش على مذهبه وإحياء ما اندرس من علمه وكذلك قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يفضي به نبشه إلى رمة بالية وخرق متمزقة أو تكسِر عظامه فإنه يخرج في علمه إلى بدعة وحادثة وإن وجده حياً استخرج من قبره أمراً صالحاً وبلغ مراده من إحياء سنته وشرائعه على قدره ونحوه.
وإن نبشِ قبر كافِر أو ذي بدعة أو أحد من أهل الذمة طلب مذهب أهل الضلالة أو عالج مالاً حراماً بالمكر والخديعة وإن أفضى به النبش إلى جيفة منتنة أو حمأة أو عذرة كثيرة كان ذلك أقوى في الدليل وأدل على الوصول إلى الفساد المطلوب.
وأما من رأى ميتاً قد عاش فإنّ سنته تحيا في خير أو شر لرائيها خاصة إن كان من أهل بيته أو رآه في داره أو للناس كافة إن كان سلطاناً أو عالماً.
وأما أكل الميت من دار فيها مريض فدليل على هلاكه وإلا ذهب لأهلها مال.
وأما من ناداه الميت فإن كان مريضاً لحقه وإن كان فقيهاً فقد وعظه وذكره فيما لا بد منه ليرجع عما هو فيه ويصلح ما هو عليه وأما من ضربه ميت أو تلقاه بالعبوس والتهدد وترك السلام فليحذر وليصلح ما قد خلفه عليه من وصية إن كانت إليه أو في أعمال نفسه وذنوبه فيما بينه وبين الله تعالى.
وإن تلقاه بالبشر والشكر والسلام والمعانقة فقد بشره بضد حال الأول وقد تقدم في ذكر باب الأموات ما فيه غنى.
وأما الحمل فوق النعش :
فمؤيد لما دل عليه الموت في الرؤيا وقد يلي ولاية يقهر فيها الرقاب.
وأما الدفن فمحقق لما دل عليه الموت وربما كان بأساً لمن فسد دينه من الصلاح وربما دل على طول إقامة المسافر وعلى النكاح وعلى العروس ودخول البيت في الكلة مع العروس من الاغتسال ولبس البياض ومس الطيب ثم يزوره إخوانه في أسبوعه.
وربما دل على السجن لمن يتوقعه فإن وسع عليه ونوم نومة عروس كان ما يدل عليه خير أكله وحسنت فيه عقباه وكثرت دنياه وإن كان على خلاف ذلك ساءت حالته وكانت معيشته ضنكاً.
وكان ابن سيرين يقول " أحب أن آخذ من الميت وأكره أن أعطيه " .
وقال: إذا أخذ منك الميت فهو شيء يموت.
ومن مات ولم ير هناك هيئة الأموات فإنّه انهدام داره أو شيء منها وإذا رأى الحي أنّه يحفر لنفسه قبراً بنى داراً في ذلك البلد أو تلك المحلة وثوى فيها ومن دفن في
قبر وهو حي حبس وضيق عليه وإن رأى ميتاً عانقه وخالطه كان ذلك طول حياة الحي وإن رأى الميت نائماً كان ذلك راحته.
وأما السور:
فسور المدينة دال على سلطانها وواليها وأما المجهول منه فيدل على الإسلام والعلم والقرآن وعلى المال والأمان وعلى الورع والدعاء وعلى كل ما يتحصن به من سائر الأعداء وجميع الأسوار من علم أو زوجة أو زوج أو درع أو سيد أو والد أو نحوهم.
فمن رأى سور المدينة مهدوماً مات واليها أو عزل عن عمله وإن رآه ماشياً كما يمشي الحيوان فإنّه يسافر في سلطان إلى الناحية التي مشى عليها في المنام فإن كان فوقه سافر معه.
وأما من بنى سوراً على نفسه أو داره أو على مدينته فانظر في حاله فإن كان سلطاناً حفظ من عدوه ودفع الأسواء عن رعيته وإن كان عالماً صنف في علمه ما فيه عصمة لغيره وإن كان عبداً ناسكاً حفظ الناس بدعائه ونجا هو من الفتنة به وإن كان فقيراً أفاد ما يستغني به أو يتزوج زوجة إن كان عزباً تحصنه وتدفع فتن الشيطان عنه.
وإن رأى سوراً مجهولاً وقد تثلم منه ثلم حتى دخل إلى المدينة لصوص أو أسد فإن أمر الإسلام يضعف أو العلم في ذلك المكان أو ثلم من أركان الدين ركن.
فإن كان ذلك فيما رآه كأنّه فيما يخصه وكأنّه كان فيه وحده دخل ذلك عليه في دينه أو علمه أو في ماله أو في درعه إن كان في الجهاد أو في عقوق والد أو والدة القلعة: القلاع من هم إلى فرج والقلعة ملك من الملوك يبلغ الملوك من خير إلى شر فمن رأى كأنّه دخل قلعة رزق رزقاً ونسكاً في دينه ومن رأى قلعة من بعيد فإنه يسافر من موضع إلى موضع ويرتفع أمره.
ومن رأى أنّه بنى حصناً: أحصن فرجه من الحرام وماله ونفسه من البلاء والذل.
فإن رأى أنّه خرب حصنه أو داره أو قصره فهو فساد دينه ودنياه أو موت امرأته.
ومن رأى أنّه في قلعة أو مدينة أو حصن فإنّه يرِزق صلاحاً وذكرِاً ونسكاً في دينه فإن رأى قاعد على شرف حسن فإنه يستعد أخاً أو رئيساً أو والداً ينجو به.
وقيل: الحصن رجل حصين لا يقدر عليه أحد.
فمن رآه من بعيد فإنّه علو ذكره تحصين فرجه ومن رأى أنّه تعلق بحصن من داخله أو خارجه فكذلك يكون حاله في دينه.
وقيل من رأى أنّه تحصن في قلعة نصر.
وأما البرج :
فمن رأى أنّه على برج أو فيه فإنّه يموت ولا خير فيه لقوله تعالى: " أيْنَمَا تَكُونوا يُدْرِكُكُمْ المَوْتُ وَلوْ كُنْتمْ في بُرُوج مُشيّدَةِ "
خراب العمران: من رأى الدنيا خربة من المزارع والمساكن ورأى نفسه في خراب مع حسن هيئة من لباس ومركب فإنّه في ضلالة.
ومن رأى حيطان الدار انهدمت من سيل ماء فهو موت أهلها.
فإن رأى الخراب في محلته فإنّه موت يقع هناك.
ومن رأى أنّه وثب على بيته فهدمه فهو موت امرأته.
ومن رأى أنّ بيته سقط عليه وكان هناك غبار فهوِ حصبة وربما كان سقوط السقف عليه نكبة.
ومن رأى خراباً عاد عمراناً صحيحاً فإنّ ذلك صلاح في دين صاحبه ورجوعه من الضلالة إلى الهدى.
ومن رأى سقوط شيء من داره أو قصره أو بيته إلى داخل وكان له غائب قدم عليه وإن كان عنده شيء يخطب إليه خطب من ابنة أو أخت أو غيرهما وإن هدمت الريح داراً فهو موت من في ذلك على يد سلطان جائر.
القناطر: القنطرة المجهولة تدل على الدنيا سيما إن كانت بين المدينة والجبانة لأنّ الدنيا تعبر ولا تعمر.
وربما دلت على السفن لأنّها كالمسافة والسبيل المسلوك المتوسط بين المكانين وربما دلت على السلطان والحاكم والمفتي وكل من يتوصل الناس به إلى أمورهم ويجعلون ظفره جسراً في نوازلهم وربما دلت على الصراط لأنّه عقبة في المحشر بينه وبين الجنة.
فمن جاز في المنام على قنطرة عبر الدنيا إلى الآخرة سيما إن لقي من بعد عبوره موتى أو دخل داراً مجهولة البناء والأهل والموضع أو طار به طائر أو ابتلعته دابة أو سقط في بئر أو حفير أو صعد إلى السماء كل ذلك إذا كان مريضاً في اليقظة.
وإن لم يكن مريضاً نظرت فإن كان مسافراً بشرته بتقضي سفره واستدللت كلى ما تقدم عليه بالذي أفضى عليه عند نزول القنطرة من دلائل الخير والغنى أو الشر والفقر.
فإن نزل إلى خصب أو تين أو شعير أو تمر أو امرأة أو عجوز وصل إلى فائدة ومال وإن نزل إلى أرض ومسجد نال مراده في سفره إما حج أو غزو أو رباط.
وإن تلقته أسد أو حمأة أو جدب أو تبن أو عنب أسود أو سودان أو ماء قاطع أو سيل دافق فلا خير في جميع ما يلقاه في سفره أو حين وصوله إلى أهله فإن كانت له خصومة أو عند رئيس حاجة نال منها ورأى منه فيها ما يدل على جميع ما نزل إليه من خير أو شر.
وأما من صار جسراً أو قنطرة فإنّه ينال سلطاناً ويحتاج إليه وإلى جاهه وإلى ما عنده.
الأعمدة: العمود يدل على كل من يعتمد عليه وما هو عمدة وعماد ودعامة كالإسلام والقرآن والسنن والفقه والدين والسلطان والفقيه والحاكم والوالد والسيد والزوج والوصي والشاهد والزوجة والحال.
وبمكان العموِد وزيادة المنام وصفات النائم يستدل على تأويل الأمر وحقيقة الرؤيا فمن رأى عموداً قد مال عن مكانه وكاد أن يسقط من تحت بنائه فإن كان في الجامع الأعظم فإنّ رجلاً من رجال السلطان ينافق عليه أو يهم بالخروج عن طاعته أو عن مذهبه أو رجلاً من العلماء أو الصلحاء يحور عن علمه ويميل عن استوائه لفتنة دخلت عليه أو بلية نزلت به وإن كان في مسجد من مساجد القبائل فإنّه إمامه أو مؤذنه أو من يعمره ويخدمه.
وإن كان العمود في داره ومسكنه فإن كان صاحب الرؤيا عبداً فالعمود سيده يتغير عليه ويبدو إليه منه ما يكره ويخافه إذا كان قد خاف منه في المنام من سقوطه عليه وإن كان امرأة فالعمود زوجها وإن كان رجلاً فالعمود والده وسقوط العمود مرض المنسوب إليه أو هلك إن كان مريضاً وكذلك إن ارتفع إلى السماء فغاب فيها أو سقط في بئر أو حفير فلم ير.
وإن كان العمود من أعمدة الكنائس فالمنسوب فيما جرى عليه كافر أو مبتدع كالرهبان والشمامسة ورؤوس البدع.
المساجد :
المسجد يدل على الآخرة لأنّها تطلب فيه كما تدل المزبلة على الدنيا وتدل على الكعبة لأنّها بيت الله وتدل على الأماكن الجامعة للريح والمنفعة والثواب والمعاونة كدار الحاكم وحلقة الذكر والموسم والرباط وميدان الحرب والسوق لأنّه سوق الآخرة.
ثم يدل كل مسجد على نحوه في كبره واشتهاره وجوهره.
فمن بنى مسجداً في المنام فإن كان أهلاً للقضاء ناله وكذلك إن كان موضعاً للفتوى وقد يدل في العالم على مصنف نافع تصنيفه وفي الوراق على مصحف يكتبه وفي الأعزب على نكاح وتزويج ولطلاب المال والدنيا على بناء يبنيه تجري عليه غلته وتدوم عليه فائدته كالحمام والفندق والحانوت والفرن والسفينة وأمثاله ذلك لما في المسجد من الثواب الجاري مع كثرة الأرباح فيه في صلاة الجماعة ومجيء الناس إليه من كل ناحية ودخولها فيه بغير إذن.
ومن كان في يقظته مؤثراً للدنيا وأموالها أو كان مؤثراً لآخرته على عاجلته عادت الأمثال الرابحة إلى الأرباح والفوائد في الدنيا له أو إلى الآخرة والثواب في الآجلة التي هي مطلبه في يقظته.
وأما من هدم مسجداً فإنّه يجري في ضد من بناه وقد يستدل على ابتذال حالته بالذي يبنيه في مكانه أو يحدثه في موضعه من بعد هدمه فإن بنى حانوتاً آثرِ الدنيا على الآخرة وإن بنى
حماماً فسد دينه بسبب امرأة وإن حفر في مكانه حفيراً أثم من مكر مكره أو من أجل جماعة فرقها عن العلم والخير والعمل أو من أجل حاكم عزله أو رجل صالح قتله أو مكان فيه من عطلة أو نكاح معقود أفسده وأبطله.
وإن رأى نفسه مجرداً من الثياب في مسجد تجرد فيما يليق به من دلائل المسجد فإن كان ذلك في أيام الحج فإنّه يحج إن شاء الله سيما إن كان يؤذن فيه وإن كان مذنباً خرج مما هو فيه إلى التوبة والطاعة وإن كان يصلي فيه على غير حالة إلى غير القبلة بادي السوأة فإنّه يتجرد إلى طلب الدنيا في سوق من الأسواق وموسم من المواسم فيحرم فيه ما أمله ويخسر فيه كل ما قد اشتراه وباعه لفساد صلاته وخسارة تعبه.
وقد يدل ذلك على فساد ما يدخل عليه في غفلته من الحرام والربا إن لاق ذلك به.
.
وأما المسجد الحرام فيدل على الحج لمن تجرد فيه أو أذن وإن لم يكن ذلك في أيام الحج بجوهره في ذلك ودليله لأنّ الكعبة التي إليها الحج فيه.
وقد تدل على دار السلطان المحرمة ممن أرادها التي يأمن من دخلها وعلى دار العالم وعلى جامع المدينة وعلى السوق العظيم الشأن الكبير الحرام كسوق الصرف والصاغة لكثرة ما يجب فيها من التحري وما يدخل على أهلها من الحرام والنقص والإثم وكذلك كل الحرام بما الإنسان فيه مطلوب بالمحفظ من إتيان المحرمات ومن التعدي على الحيوانات ومن إماطة الأذى.
وأما جامع المدينة: فدال على أهلها وأعاليه رؤساؤها وأسافله عامتها وأساطينه أهل الذكر والقيام بالنفع في السلطان والعلم والعبادة والنسك ومحرابه إمام الناس ومنبره سلطانهم أو خطيبهم وقناديليه أهل العلم والخير والجهاد والحراسة في الرباط وأما حصره فأهل الخير والصلاح وكل من يجتمع إليه ويصلي فيه وأما مأذنته فقاضي المدينة أو عالمها الذي يدعي الناس إليه ويرضى بقوله ويقتضى بهديه ويصار إلى أوامره ويستجاب لدعوته ويؤمن على دعائه وأما أبوابه فعمال وأمناء وأصحاب شرط وكل من يدفع عن الناس ويحفظهم ويحفظ عليهم.
فما أصاب شيئاً من هذه الأشياء أو رأى فيه من صلاح أو فساد عاد تأويله على من يدل عليه خاصة أو عامة.
الكعبة :
ربما دلت على الصلاة لأنّها قبلة المصلين وتدل على المسجد والجامع لأنّها بيت الله وتدل على من يقتدي به ويهتدي بهديه ورجع إلى أمره ولا يخالف إلى غيره كالإسلام والقرآن
والسنن والمصحف والسلطان والحاكم والعالم والوالد والسيد والزوج والوالدة والزوجة وقد تدل على الجنة لأنّها بيت الله.
والجنة داره بها ويوصل إليها.
وقد تدل على ما تدل عليه الجوامع والمساجد من المواسم والجماعات والأسواق والرحاب.
فمن رأى الكعبة صارت داره سعى إليه الناس وازدحما على بابه لسلطان يناله أو علم يعلمه أو امرأة شريفة عالية سلطانية أو ناسكة تتزوجين.
وإن كان عبداً فإنّ سيده يعتقه لأنّ الله تعالى أعتق بيته من أيدي الجبابرة.
وأما إن كان حولها أو يعمل عملاً من مناسكها فهو يخدم سلطاناً أو عالماً أو عابداً أو والده أو والدته أو زوجة أو سيداً بنصح وبر وكد وتعب.
وإن رأى كأنّه دخلها تزوج إن كان عزباً وأسلم إن كان كافراً وعاد إلى الصلاة والصلاح إن كان غافلاً وإلى طاعة والديه إن كان عاقاً.
وإلا دخل دار سلطان أو حاكم أو فقيه لأمر من الأمور الذي يستدل عليه بزيادة منامه وأحواله في يقظته إلا أن يكون خائفاً في اليقظة فإنّه يأمن ممن يريده.
وإن كان مريضاً فذلك موته وفوزه سيما إن كان في المنام قد حمل إليها في محمل صامتاً غير متكلم أو ملبياً متجرداً من وأما إن رآها في بلاد أو محلة فإن كانت الرؤيا خاصة لرائيها ولم ير جماعة من الناس معه عند رؤيتها فانظر إلى حالته فإن كان منتظراً الزوجة قد عقد نكاحها وطال عليه انتظارها فقد دنا أمرها وقرب إليه مجيئها سيما إن رآها في محلتها أو في محلته وإن دخلها وهي عنده أهديت إليه وإن دخلها دخل عليها في دارها عاجلاً سرِيعاً لقرب الكعبة منه من بعد بعدها ومشقة مسافتها وإن رآها في ذلك من كان غافلاً في دينه أو تاركاً للصلاة فإنّها له نذير وتحذير من تركه لما عليه أن يعمله من التوجيه إليها في مكانه وكذلك إن كان ممن يلزمه الحج وقد غفل عنه فقد ذاكرته في نفسها واقتضته في المجيء إليها وإن لم يكن شيء من ذلك وكانت الرؤيا لعامة الناس اجتماعهم حولها في المنام وضجيجهم عندها في الأحلام فإما سلطان عادل يلي يقدم عليهم أو حاكم أو رجل عالم أو إمام مذكور يقدم من حج الناس أو سفر بعيد أو يخرج من داره من بعد تزاويه لحادث يحدث له أو فرض يلزمه أو ميت يموت له فيتبعه الناس ويطوفون حوله بالدعاء له والتبرك به ونحو ذلك.
الكنيسة :
دالة على المقبرة وعلى دار الزانية وعلى حانوت الخمر ودار الكفر والبدع وعلى دار المعازف والزمر والغناء وعلى دار النوح والسواد والعويل وعلىِ جهنم دار من عصى ربه
وعلى السجن فمن رأى نفسه في كنيسة فإن كان فيها ذاكراً لّه تعالى أو باكياً أو مصلياً إلى الكعبة فإنّه يدخل جبانة لزيارة الموتى أو لصلاة على جنازة.
وإن كان بكاؤه بالعويل أو كان حاملاً فيها ما يدل على الهموم فإنه يسجن في السجن.
وإن رأى فيها ميتاً فهو في النار محبوس مع أهل العصيان.
وإن دخلها حياً مؤذنَاً أو تالياً للقران فإن كان في جهاد غلب هو ومن معه على بلد العدو وإن كان في حاضرة دخل على قومه في عصيان أو بدع وإلحاد فوعظهم وذكرهم وحجهم وقام بحجة الله فيهم.
وإن كان من يرى معهم ويصلي بصلاتهم ويعمل مثل أعمالهم فإن كان رجلاً خالط قوماً على كفر أو بدعة أو زناً أو خمر أو على معصية كبيرة كالغناء والزمر وضرب البربط والطبل سيما إن كان قد سجد معهم للصليب لأنّه من خشب.
وإن كان امرأة حضرت في عرس فيه معازف وطبول فخالطتهم أو في جنازة فيها شق وسواد ونوح وعويل فشاركتهم.
الصومعة: تدل على السلطان وعلى الرئيس العالي الذكر بالعلم والعبادة وكذلك المنازل بمكانها ومنافعها وجوهرها ومعروفها ومجهولها يستدل على تأويلها وحالة المنسوب إليها فما أصابها أو نزل بها من هدم أو سقوط أو غير ذلك عاد تأويله على من دلت عليه.
وما كان منها في الهواء أو الجبانة أو في البرية فدالة على قبور الأشراف ونفوس الشهداء على قدر ألوانها وجوهر بنائها وما كان منها أسود اللون أو مملوءاً بالخنازير فهي كنائس.
والبيعة مجراها في التأويل.
وأما الناوس فإذا رأى فيه الموتى دل على بيت مال حرام وإذا رآه خالياً من الموتى فيدل على رجل سوء يأوي إليه رجال سوء.
والله أعلى وأعلم ،،،